تحلّ اليوم الذكرى السابعة لاغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري التي تحييها قوى 14 آذار بمهرجان خطابي، وسط تجاذبات سياسية لبنانية متصاعدة حول تطورات الأزمة السورية وتعقيداتها الإقليمية والدولية المتزايدة، والتي ستكون محوراً أساسياً من محاور المواقف التي ستعلنها المعارضة اليوم، خصوصاً أنه ستُبث خلال المهرجان، رسالة موجهة من المجلس الوطني السوري. وإذ يتحدث خلال المناسبة رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزعيم تيار «المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، فإن رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمل ب «أن تكون ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري الأليمة في تاريخ لبنان، وما تبعها من اغتيالات، نقطة لاستعادة المشهد اللبناني الجامع والموحد الذي يرتكز الى الاعتراف بالآخر على قاعدة مد اليد والتحاور لتحصين الوحدة الداخلية». وفيما كرر سليمان التشديد على الحوار الوطني بين اللبنانيين، لفت تخصيص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الجزء الأكبر من موقفه الأسبوعي عبر صحيفة حزبه للذكرى مؤكداً أن «الشهيد رفيق الحريري آمن بقضية استقلال لبنان وسيادته ودفع حياته ثمناً لهذه المواقف وآمن بالعلاقات الندية اللبنانية – السورية بعيداً من منطق الوصاية وسيبقى لبنان مديناً له في الكثير من الميادين». وبينما ذكّر جنبلاط بأن حزبه كان أول من طالب بقيام المحكمة الدولية لملاحقة المتورطين باغتيال الحريري، دعا الى مقارعة الحجج بالحجج والبراهين بالبراهين داخل المحكمة وليس عبر وسائل الإعلام. وحيا جنبلاط «شهداء ثورة الأرز وشهداء الثورة السورية والمعتقلين السياسيين في السجون والمفقودين». واعتبر أن «النظام السوري بطش بالعلويين كما فعل بسواهم»، ودان «تحفظ الموقف اللبناني الرسمي عن البيان العربي الذي كان الهدف منه رفع الظلم والتنكيل والإبادة التي تمارس في حق الشعب السوري». وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أطلع صباح أمس الرئيس سليمان على نتائج زيارته فرنسا، إن علاقته بالرئيس الراحل الحريري «كانت ممتازة» وإن علاقتهما كانت تعود الى العام 1978، وأكد أنه ليس على خصومة مع أحد رداً على سؤال عن خصومته مع عائلة الحريري. وأوضح ميقاتي في حديث الى فضائية «أل بي سي» عن محادثاته في فرنسا أن الرئيس نيكولا ساركوزي لم يفاتحه بأمر إنشاء مجموعة الاتصال حول الملف السوري، وقال: «لم أشعر بأنهم خائفون على لبنان من تداعيات الأحداث في سورية». وعن وجود قواعد ل «الجيش السوري الحر» في لبنان، قال: «كرئيس للوزراء لم أتبلّغ أي شيء في هذا الصدد ونحن لن نسمح بأن يكون لبنان مقراً أو ممراً للتآمر على أي دولة عربية». وسأل: «هل ما أقوم به هو للتآمر على سورية؟». وعن الأزمة الحكومية التي أدت الى تعليقه اجتماعات مجلس الوزراء، قال ميقاتي: «أشعر من كلام بعض الوزراء بأنهم ألغوا المقامات الدستورية من قاموسهم». وأيد عقد جلسات للحوار الوطني وشجع الرئيس سليمان على الدعوة الى الحوار مجدداً. كما أشار ميقاتي الى أن «كل المعطيات تستبعد خيار حصول حرب في المنطقة»، واستبعد عودة الاغتيالات في لبنان. من جهة ثانية، قال وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور: «تحفظنا عن قرارات اجتماع الجامعة العربية نظراً الى ما تحمله من بنود خطيرة منها وقف كل علاقة ديبلوماسية مع سورية وفي المنظمات والمحافل الدولية وتشديد العقوبات عليها». وتحدث عن «بند آخر هو دعم المعارضة السورية وتقديم كل الوسائل السياسية والمادية لها. وهذه المساعدات تحمل أبعاداً كثيرة قد تكون عسكرية أو غير عسكرية وعلى الأراضي اللبنانية عدد من المعارضين، فكيف يمكن التواصل معهم وتقديم المساعدات لهم؟ هذا يزج بلبنان في أمور معقدة وخطيرة لا نستطيع السير فيها». وأضاف: «هناك من يريد أخذ الملف السوري الى التدويل ومن يريد أن يعمل لإزاحة النظام وأمس تبين أنه وزع قرار الاعتراف بالمجلس الوطني السوري من دون مناقشات ونحن تحفظنا ولم نقبل به وتحفظت الجزائر وكان لمصر تحفظات بصورة غير مباشرة وهي تأجيل الموضوع لمرحلة أخرى. وهناك دول لم تستطع ربما أن تقول ذلك علناً». وأوضح أنه سأل في كلمته أمام الاجتماع: «هل نريد تغيير النظام، ولم أجد نفياً»، معتبراً أن «الحل الوحيد في سورية هو الحوار والاعتراف بالمجلس الوطني يدخل سورية في نفق مجهول وطويل قد يزعزع المنطقة». على صعيد آخر، قالت مصادر ثقة ل «الحياة» إن تمديد عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سيتم في شكل تلقائي ومن دون ضجة بعد أن كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعث برسالة الى السلطات اللبنانية لاستشارتها في شأن مدة التمديد (وليس في مبدأ حصوله). وأوضحت المصادر أن السلطات اللبنانية ستبلغ بان بطريقة أو بأخرى عدم اعتراضها على هذا التمديد في القريب العاجل، وكان بان طلب إبلاغه برأي الحكومة قبل 15 الجاري. وذكرت المصادر أن التطورات المتسارعة في المنطقة، خصوصاً حيال الوضع في سورية، ستحجب الخلاف اللبناني الداخلي حول الموقف من تمديد عمل المحكمة، بحيث يصبح الأمر ثانوياً أمام هذه التطورات.