أعلنت وزارة التجارة الأميركية أن تجارة الدول العربية مع ثاني أكبر شركائها التجاريين بعد أوروبا وخلافاً لكل التوقعات، لم تتأثر سلباً بالأحداث العاصفة لعام الربيع العربي فحسب بل سجلت ثلاثة أرقام قياسية في وتيرة نموها والقيمة الإجمالية لكل من حجم مبادلاتها من السلع والبضائع وفائضها التجاري. وشهد عام 2011 الذي اكتملت معطياته الإحصائية نهاية الأسبوع الماضي ارتفاع القيمة الإجمالية لحجم التبادل التجاري بين مجموعة الدول العربية وأميركا إلى 153 بليون دولار مسجلة نسبة زيادة عالية ناهزت 30 في المئة مقارنة ب2010 حين بلغت قيمة المبادلات العربية الأميركية 119 بليوناً. وجاء ذلك على رغم العقوبات التي فرضتها واشنطن على سورية، وهي شريك تجاري حديث بلغ معدل قيمة تجارته مع أميركا في السنوات الأخيرة نحو بليون دولار، وكذلك احتجاب النفط الليبي عن السوق الأميركية التي أنفقت أقل من 650 مليون دولار على مشترياتها من النفط الليبي في 2011 قي مقابل 4.2 بليون دولار في 2008. لكن المفاجأة الأكبر للتجارة العربية - الأميركية في عام الربيع العربي تمثلت في الفائض التجاري الذي حققته الدول العربية إذ ارتفعت قيمته الصافية خمسة أمثال ما كانت عليه في 2010 لتصل إلى 46 بليون دولار. وساهم ارتفاع أسعار النفط الخام، على رغم تقلباتها الحادة، في هذا الفائض الضخم لكن الواردات العربية لعبت أيضاً دوراً إيجابياً ملموساً. وارتفعت قيمة الصادرات العربية إلى السوق الأميركية في السنة الماضية إلى 99 بليون دولار مسجلة زيادة بنسبة 38 في المئة. وببلوغها 54 بليوناً ارتفعت قيمة الواردات العربية هي الأخرى ولكن بنسبة لم تتعدَّ 15 في المئة مساهمة بذلك في تعزيز الفائض التجاري العربي بعدما انزلق إلى قاع تاريخي في 2010. دول الخليج وانفردت دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 65 في المئة من حجم التجارة العربية - الأميركية ونصف الفائض التجاري العربي (24 يليون دولار) نتيجة ارتفاع قيمة صادراتها إلى السوق الأميركية بنسبة 55 في المئة متجاوزة 60 بليوناً وصعود قيمة وارداتها بنسبة 22 في المئة مقتربة من 40 بليوناً. وبالمقارنة مع 2010 تضاعف فائض الدول الخليجية ثلاث مرات. إلا أن حصة السعودية تجاوزت 40 في المئة من حجم التجارة العربية الأميركية و73 في المئة من الفائض العربي. وبلغت قيمة حجم التبادل التجاري السعودي - الأميركي في السنة الماضية 62 بليون دولار مرتفعة من 43 بليوناً في 2010 فيما بلغت قيمة فائضها التجاري 34 بليوناً مقارنة بأقل من 20 بليوناً في 2010 ونحو 11 بليوناً في 2009 وهو العام الذي سجل أكبر تراجع سنوي في التجارة العربية - الأميركية منذ بداية الألفية الثالثة. ومن بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون شهدت صادرات قطر والإمارات وعمان إلى السوق الأميركية ارتفاعات قياسية ضخمة لكنها لم تفلح في تقليص عجوزاتها التجارية في شكل ملموس بل إن العجز التجاري للإمارات ارتفع إلى 13.5 بليون دولار ساهمت فيه زيادة ضخمة في قيمة وارداتها، لا سيما الطائرات التجارية والسيارات، التي اقتربت من 16 بليوناً. 11 بلداً وارتفعت قيمة التبادل التجاري بين بقية الدول العربية (11 بلداً) وأميركا في 2011 بنسبة 11 في المئة لتصل إلى 52 بليون دولار لكن فائضها التجاري الذي انحصر فعلياً في عدد قليل من هذه الدول ولا سيما المصدرة للنفط منها قفز بنسبة 30 في المئة صعوداً إلى 22 بليوناً. وتقاسم العراق والجزائر نحو 28 بليون دولار من الفائض التجاري لهذه المجموعة من الدول العربية كنتيجة متوقعة لارتفاع كبير نسبياً في قيمة الصادرات العراقية وآخر طفيف في قيمة الواردات الجزائرية. بيد أن ليبيا نجحت في تحقيق فائض بقيمة 350 مليون دولار من صادرات بقيمة 650 مليوناً. وكذلك فعلت سورية التي حققت تجارتها مع أميركا وللمرة الأولى فائضاً بقيمة تزيد قليلاً على 140 مليون دولار نجم عن انكماش صادراتها، التي تتألف من كميات قليلة من النفط الخام ووقود التدفئة، بواقع النصف من نحو 500 مليون دولار في 2010 وانخفاض وارداتها ومعظمها مواد غذائية وطبية من 430 إلى 390 مليوناً.