اتجهت شركات الإنتاج في الخليج إلى احتكار عدد من الممثلين، فعند بزوغ الفنان من خلال ظهوره الأول في أعماله، تتسابق تلك الشركات على ضمه إلى قائمة ممثليها، ما يضمن لها عدم تقديمه أي عمل جديد إلا عن طريقها. كما يدعم الاحتكار الممثل في بداياته من خلال ما يوفره له من أدوار قد يعجز عن تحصيلها من دون الشركة التي وقع لها، وهو ما يدعم وجوده في الساحة الفنية بشكل مستمر، وهو ما يوفر له دخلاً سنوياً جيداً عن طريق أعماله مع المحتكر، أو مع آخرين عن طريق الشركة ذاتها. لكن الاحتكار خصوصاً في العامين الماضيين تحول إلى خلاف بين هؤلاء الممثلين والشركات المنتجة التي وقّعت عقوداً معهم، إذ لم تشفع العشرة الفنية طوال سبعة أعوام بين الكاتبة والمنتجة الكويتية فجر السعيد والممثلين إلهام الفضالة ومشاري البلام وشيماء علي ومحمود بوشهري في ضمان استمرار العقود الموقعة بينهم، لتنتهي القصة بانفصال الأخيرين عن شركة «سكوب سنتر» التي تملكها السعيد، الأمر الذي تطور ليصل إلى أروقة المحاكم، عندما قاضتهم المنتجة وطالبتهم بدفع الشرط الجزائي، كونهم أخلُّوا بشروط عقد الاحتكار، إلا أن المحكمة رفضت تلك الدعوى بحجة عدم الاختصاص. وترى الممثلة عبير أحمد أن احتكار الممثل يحرمه من حريته، ليصبح مستقبله الفني بيد الشركة المحتكرة، لافتةً إلى أنها رفضت عروضاً عدة، لتوقيع عقود احتكارية من مؤسسات إنتاج في وقت سابق. وأضافت أن الممثل يجد فرصة أكبر للإبداع، من خلال الحرية في اختيار أعماله ما لم يكن محتكراً. لكن الممثل مشعل المطيري اعتبر الاحتكار عاملاً إيجابياً للممثل، خصوصاً في المرحلة الحالية التي تعتبر بداية الحراك الفني، مؤكداً أن الاحتكار ليس غريباً على العمل الدرامي، وموجود منذ فترة طويلة. وعن مدى تحكم الشركة المنتجة بالممثل المحتكر، أوضح أن العقود الموقعة بين الطرفين هي التي تحكم العلاقة بينهما، فالشركة اشترت إبداع وفكر الفنان، والطبيعي أن تبحث عن راحته الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الأعمال التي يقدمها لتلك الشركة، وهو في النهاية الهدف الذي ينشده الطرفان. بينما يرى الحاصل على جائزة أفضل ممثل سينمائي في مهرجان جدة الفنان عبدالعزيز الشارخ، أن الاحتكار لا يخدم سوى الشركات، خصوصاً مع نصوص العقود الحالية التي تضمن كامل الحقوق لها. وأضاف: «يلتزم الفنان من خلال العقود بعدد من الأعمال التي يفترض أن يقدمها كل عام، ما يجعله في كثير من الأحيان يجبر على تقديم ما لا يناسبه منها»، مشيراً إلى أن الفنان يبحث عن التنوع في ما يقدم، لكن الأعمال المقدمة تجبره على السير في الطريق ذاته أحياناً، من دون أن يجد حرية الاختيار، ما يصيب معظم المشاهدين ب«الملل». ولفت إلى أن قلة عدد الشركات المنتجة في الوقت الحالي لا تخدم الفنان، وقال: «من الصعب أن تجد في العروض التي تقدمها الشركات أي محفز، خصوصاً أنها لا تجد منافسة تجبرها على التميز، وتقديم العروض الأفضل للممثل». وأكد أن نظرته في مسألة احتكار الممثلين قد تتغير متى ما أصبحت السوق مفتوحة لعدد أكبر من الشركات، وتم التعاطي مع العقود المبرمة بشكل يخدم الطرفين. فجر السعيد تعترف بفشلها فيه اعترفت الكاتبة والمنتجة الكويتية فجر السعيد بفشلها في احتكار الممثلين، معتبرة أن الاحتكار سلاح ذو حدين، كون العواطف والأهواء الشخصية تتحكم فيه كثيراً، ورأت أن نكران المعروف الذي بات السمة الأبرز في جيل الشباب اليوم يضر بالاحتكار وبالفنان نفسه.وأضافت: «بعد أن تأتي بالنجم الشاب وتدربه وتصرف عليه، وتغامر به في الأعمال، يبدأ بالتعالي على الشركة التي أسهمت في ظهوره، ويتحجج بأنه نجم والكل يبحث عنه، ويتناسى أنه لم يصل إلى أي منتج عندما كان مجهولاً، ويبحث عن الفرصة»، مشيرةً إلى أن الممثل الجيد يفرض نفسه والبقاء للأصلح منهم.وعن تذمر بعض الممثلين من احتكارها لهم، قالت: «هذا يعود لهم، إذ إنهم يريدون أن تكون شركتي أو غيرها جسر الوصول إلى الشهرة والنجومية، وعندما يتحقق لهم ذلك نصبح سيئين»، مؤكدة أن تصريحات هؤلاء الممثلين قبل عام أو عامين فيها تناقض عنها في الوقت الحالي، ما يعني أنهم ناكرو معروف.