جرت عادة أحياء في الرياض على إقامة إفطار جماعي صبيحة عيد الفطر المبارك، إلا أن جامع الأميرة سلطانة السديري بادر بشكل غير مسبوق، بإقامة إفطار جماعي في شهر رمضان لسكان الحي قبل العيد، حتى أصبحت عادة سنوية كل عام. العائلات السعودية، اعتادت على المساهمة ببعض الأطباق الرمضانية لمصلحة خيام التفطير، التي يرتادها العمال من جنسيات مختلفة، إلا أن مسجد الأميرة سلطانة السديري (على الدائري الشرقي) لم يقتصر على تفطير العمال فحسب، إذ اختار يوماً سنوياً لإقامة الإفطار الرمضاني، ليزيد من أواصر المحبة بين الجيران. نالت الفكرة استحسان رواد «تويتر»، إذ حظيت بإعادة نشر (رتويت) لكاتب التغريدة عبدالله آل الشيخ نحو 133 مرة، وأشادت إحدى المعلقات نورة المسرحي بقولها: «روعة عندما يتجمع أهل الحي كي يقضون أروع لحظة.. أتمنى لكم التوفيق». الفارق بين إفطار أبناء الحي الواحد في رمضان، والإفطار صبيحة عيد الفطر المبارك، يكمن في التفرغ وعدم الانشغال، إذ غالباً ما يكون الناس صبيحة العيد مستعجلين بالسلام على أهاليهم وأقاربهم، في حين أن إفطار الحي في رمضان، أقل انشغالاً وأكثر روحانية. حول مبادرة مسجد الأميرة سارة السديري، يقول المستشار الاجتماعي عبدالعزيز المنصور: «في وقت ضعف فيه التواصل بين أبناء الحي الواحد، نرى هذه البادرة، تعيد للأذهان أهمية الجار والتواصل معه، ومعرفة حاجته»، وأكد أن الجيران إذا كانوا متكاتفين في ما بينهم، سينعكس ذلك إيجابياً على المجتمع. وأضاف: «إذا كانت العلاقة بين أبناء الحي الواحد وطيدة، فإن المنتفع منها السكان أولاً والمجتمع ثانياً والدولة ثالثاً، إذ ربما يطلع الجار على أمور لا يعرفها أحد بحكم المجاورة والقرب، لذا من الضروري أن تكون العلاقة بين الجيران مبنية على الاحترام والمودة»، واصفاً مبادرة جامع الأميرة سلطانة ب«الرائعة» وتستحق أن تحتذى من بقية الأحياء. من جهته، أكد الباحث الشرعي عبدالعزيز الغنام أن النبي صلى الله عليه وسلم رسّخ الممارسات العملية الخاصة بالجيرة، وقرن بين سلامة الإيمان وإبعاد الأذى عن الجار، فقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره». وأضاف: «ربما تسمع من جارك أو عنه شيئاً من خصوصياته لا يطلع عليها أحد غيرك، ومن الممكن أن تستغل ذلك في إيذائه، وسيكون إيذاؤك له أبلغ وأعظم من إيذاء أي أحد غيرك، لأنك تعلم من أين يُؤْذَي، وأيّ الجروح أكثر إيلاماً له، لذا حذر الرسول من إيذاء الجار». ويحتل الجامع الواقع في حي القدس شرق الرياض منذ إنشائه مكانة مميزة، بموقعه المتوسط في الحي وسعة مساحاته، إذ يتسع لأكثر من 2500 مصل، وتقام فيه صلاة العيدين والاستسقاء، إضافة إلى الجمعة، إضافة إلى برامج ومناشط دعوية واجتماعية وثقافية عدة. وأوضح المشرف العام على الجامع عبدالله بن محمد آل الشيخ، أن من أبرز المناشط السنوية في الجامع مخيم إفطار الصائمين، الذي بلغ عدد المستفيدين منه منذ أنشئ حتى نهاية هذا العام أكثر من 576 وجبة بكلفة إجمالية تقدر بأكثر من 8 ملايين ريال، بدعم كامل من الأمير سلطان بن سلمان، الذي بنى الجامع لوالدته الأمير سلطانة السديري رحمها الله، كما تقام في الجامع بعض المناشط المستمرة، الهادفة إلى تعزيز رسالة المسجد في تعزيز القيم والسلوكيات السليمة، ومن تلك المناشط إقامة الدورات الرمضانية والصيفية، إذ بلغ عدد المشاركين في الحلقات الصيفية والرمضانية 2900 مشارك، منذ إنشاء الجامع حتى الآن. كما أقيمت في الجامع محاضرات وندوات عامة تهدف إلى بث الوعي والحث على الخير، تشارك فيها نخبة من العلماء والمتخصصين من الرجال والنساء، زاد عددها عن 1136 محاضرة وندوة.