تسارعت وتيرة النشاط الحزبي في الجزائر خلال الأيام الأخيرة بعقد أحزاب جديدة مؤتمراتها التأسيسية. وتفرق خطاب «الزعماء الجدد» في الساحة السياسية على أساس المرجعيات، لكن إجماعاً بينهم برز حول ضرورة «التغيير» بدءاً بمحطة الانتخابات التشريعية المقبلة. وبقدر ما تتفاءل قيادات الأحزاب الجديدة بأنها ستكون عنصراً فاعلاً «مهماً» في الساحة السياسية في المستقبل، فإن منتقدين يقولون إن إعلانها كلها المشاركة في الانتخابات يمثّل وقوعاً في «فخ نصبته السلطة» كي تُظهر للرأي العام أن هناك مشاركة واسعة في العمل السياسي والحزبي. وعقدت خمسة أحزاب جديدة مؤتمراتها التأسيسية في الأيام القليلة الماضية، ما أعطى انطباعاً بأن هناك حراكاً سياسياً إيجابياً لم تشهده الجزائر منذ عقد كامل. وكان واضحاً أن الأحزاب الجديدة تعمّدت استعراض جمهورها الواسع، فعهدت للمتعاطفين معها جلب الآلاف من المندوبين والمتعاطفين من الولايات الداخلية إلى العاصمة. وقد عقد خالد بونجمة مؤتمر «الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية» وانتخب رئيساً لها. وبعده تمت تزكية عبدالعزيز بلعيد رئيساً ل «جبهة المستقبل» في مستهل أشغال المؤتمر التأسيسي لهذا الحزب بحضور حوالى ألف مندوب، معظمهم من كوادر ومناضلي اتحاد الشبيبة الجزائرية واتحاد الطلبة الجزائريين. كما عقد حزب «الحرية والعدالة» أشغال مؤتمره التأسيسي بمشاركة 640 مندوباً يمثلون 42 ولاية. وتباهت قيادات هذا الحزب في الجلسة الافتتاحية بحضور شخصيات سياسية ووطنية بارزة، يتقدمها الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة علي كافي، والوزير السابق أحمد طالب الإبراهيمي، وعدد من ممثلي الأحزاب والجمعيات. وترقّب كثيرون مؤتمر «جبهة العدالة والتنمية» التي يقودها المعارض الإسلامي عبدالله جاب الله. وكان لافتاً الحضور القوي لأنصاره في قاعة المركب الأولمبي في العاصمة. ومن المفارقات أن أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم حضر المؤتمر بصفته ضيفاً، في ظل بوادر إلى صراع انتخابي كبير بين حزبه وحزب جاب الله وكلاهما ينتميان إلى التيار الإسلامي. وأمس جاء دور الطاهر بن بعيبش الذي عقد المؤتمر التأسيسي لحزبه «الفجر الجديد». وبن بعيبش المرشح لقيادة الحزب الجديد كان أميناً عاماً سابقاً للتجمع الوطني الديموقراطي الذي يقوده حالياً الوزير الأول أحمد أويحيى. وانتقد بن بعيبش في خطاب الافتتاح ما سمّاه «استمرار (السلطات) في تجاهل الأشياء» على رغم «وضع الجزائر الهش». وأوصى إطارات الحزب بالولاء «لله والوطن» ونبذ «الولاء للزعامات لأن التاريخ بيّن أن كل ما بُني على زعامة فردية ينتهي بنهاية الزعيم». ونظّم «الفجر الجديد» مؤتمره التأسيسي بقاعة كبيرة في الضاحية الغربية للعاصمة، بحضور مئات المندوبين عن 47 ولاية. وحضر المؤتمر ساسة منافسون بينهم عبدالله جاب الله ومسؤول حركة النهضة فاتح ربيعي والأمين العام لمنظمة المجاهدين سعيد عبادو وكريم يونس رئيس البرلمان السابق. كما حضر مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. وكان بارزاً تقارب وعاء «الفجر الجديد» مع وعاء «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي قاده بن بعيبش لفترة بوجود وجوه من فئة «أبناء الشهداء» و «الاتحاد العام للطلبة الجزائريين» وعدد من الوجوه السابقة في اتحاد النساء. وفي قاعة أخرى في العاصمة، أمس، كانت أشغال المؤتمر التأسيسي ل «جبهة الجزائرالجديدة» بقيادة الإسلامي جمال بن عبدالسلام، قد انطلقت بحضور جماهيري كبير. وأعطت كلمة عبدالسلام انطباعاً بأن حزبه يجمع المرجعية الإسلامية والوطنية، وهو انتقد «استعمال الإسلام لأغراض سياسية»، لكنه رفض في المقابل «الإقصاء و التهميش» باسم الإسلام.