أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، عن خطة لبناء سكة حديد تصل بين البحر المتوسط والبحر الأحمر لتكون بديلاً من قناة السويس، ومساراً برياً ينقل البضائع من أوروبا إلى آسيا وبالعكس، من دون الحاجة إلى ممر قناة السويس. للوهلة الأولى يبدو المشروع سخيفاً ووهمياً، إذ لماذا تحتاج دول آسيا إلى تفريغ بضائعها في ميناء إيلات على البحر الأحمر ومن هناك تنقل برياً إلى ميناء أسدود على البحر المتوسط، ثم تحمل من جديد على سفن تنقلها إلى أوروبا، بينما تستطيع استمرار طريقها عبر البحر الأحمر وقناة السويس إلى وجهاتها الأوروبية؟ لكن نتانياهو يريد هذا الخط ليكون بديلاً عن قناة السويس، في حال تدهور الأوضاع في مصر تحت قيادة الإخوان المسلمين. ويهمه أن تستعد إسرائيل «لأسوأ الأوضاع المترتبة على المتغيرات التي تشهدها الدول العربية على مختلف الأصعدة، وبذلك يجعلها (إسرئيل) على رأس دول المنطقة في الاستراتيجية الاقتصادية الغربية والعالمية». ويحاول نتانياهو في خطته تعزيز المكانة الاقتصادية لإسرائيل ورفع حجم الموازنة العامة عبر عقد اتفاقات جديدة بين دول آسيا وأوروبا تضاعف قيمة الميزان التجاري. وقال «خط السكة الحديد ومنابع الغاز الطبيعي المكتشفة قبالة السواحل الإسرائيلية ستربط إسرائيل بمصالح وثيقة مع دول أخرى في مجالات الطاقة والاقتصاد والصناعة، وتكمن أهميتها في أن العقد المقبل سيشهد صعود دول عظمى جديدة ما يحتم على إسرائيل ضمان مصالحها القومية الحيوية». ويربط خط السكة الحديد، بطول 350 كيلومتراً، بين تل أبيب في الوسط، وإيلات جنوباً ويتطلب خمس سنوات على الأقل لتفعيله. وشرح الخبير الاقتصادي وائل كريم أن في هذه الخطة أهدافاً اقتصادية كبيرة لإسرائيل. وقال «لا تملك إسرائيل منفذاً بحرياً إلا إيلات على البحر الأحمر، وفي أي حالة طارئة في المستقبل ستكون إسرائيل مستقلة عن مصر وقناة السويس، فمشروع السكة الحديد يعطيها منفذاً بديلاً عن قناة السويس ويرفع مكانتها الاستراتيجية في المنطقة ويؤمّن مكاسب مالية كبيرة من الناحية الاقتصادية». وأشار كريم إلى أن الأرقام الأولية تظهر أن إسرائيل ستقبض ثلاثة بلايين دولار عند فتح الخط الجديد من أصل تسعة بلايين توفرها عمولة البضائع التي تدخل إلى قناة السويس، وذلك عبر اتفاقات مع دول أوروببة وآسيوية، ما من شأنه تعزيز مداخيل الاقتصاد الإسرائيلي ورفع مكانة إسرائيل الدولية والإقليمية ومنحها قوة اقتصادية. كما أن نقل الحمولة المتوسطة والصغيرة، عبر السكة الحديد من إيلات إلى حيفا أو تل أبيب، يتم بسرعة أكبر منها في قناة السوس، إذ إن نقل الحمولة من السفينة إلى القطار يتم خلال وقت قصير جداً عبر رافعات تنقل البضائع إلى القطار مباشرة. الجانب الأبرز في مشروع السكة الحديد هو أنه يستفز مصر. فإسرائيل بذلت جهوداً حثيثة بعد الاعتداء على سفارتها في القاهرة لإعادة سفيري البلدين وبالتالي الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقة مع الحكومة المصرية الجديدة لضمان الحفاظ على اتفاق السلام بينهما. ورأى بعضهم أن المشروع استفزازي بسبب تأثيره في قناة السويس وخفض مدخول عمولاتها من البضاعة لمصلحة إسرائيل. فمع مباشرة العمل في مشروع خط السكة الحديد تكون إسرائيل عقدت اتفاقات مع دول تعتمد على قناة السويس كمنفذ بحري وحيد لتجارتها في المنطقة، ما سيرفع حدة التوتر بين تل أبيب والقاهرة. ويكمن تحذير بعضهم من أثر هذا المشروع على اتفاق الغاز بين مصر وإسرائيل، لكن نتانياهو يرى فيه «أهمية استراتيجية قومية ودولية ودوراً مهماً في خدمة مصالح الدول العظمى مثل الصين والهند». وسيدرس فريق عمل برئاسة المدير العام لمكتب رئيس الحكومة ثلاثة بدائل لتمويل المشروع، منها عقد اتفاق بين الحكومة الإسرائيلية وحكومة دولة أخرى ذات مصالح اقتصادية واستراتيجية في المشروع، أو مشاركة القطاع الخاص فيه، أو رصد الأموال اللازمة للمشروع من موازنة الدولة. وتوصّل وزير المواصلات يسرائيل كاتس، إلى اتفاق مع الصين للشراكة في هذا المشروع إلا أن وزارة المال برئاسة يوفال شطاينتس، ترفض مثل هذه الشراكة.