تواجه شركات صناعة الأدوية في العراق أزمة بسبب اعتماد وزارة الصحة على الأدوية المستوردة وتفضيل المنتج الأجنبي، ما يهدد مصير الصناعة الدوائية بالبيع إلى شركات الاستثمار الأجنبية. ويضم قطاع صناعة الدواء في العراق شركتين حكوميتين تابعتين لوزارة الصناعة والمعادن وهما «سامراء» و«نينوى»، يضاف إليهما شركة «اكاي» الدولية التي تساهم فيها 5 دول عربية، فضلاً عن 17 شركة خاصة. وخصصت الحكومة العراقية 1.557 تريليون دينار (1.2 بليون دولار) لدعم قطاع الأدوية، إذ ما زالت جميع مؤسسات الصحة العراقية تقدم خدماتها مجاناً، ومنها الجراحة. وأوضح المسؤول في القطاع الصناعي الدوائي التابع لوزارة الصناعة بشار الحمداني في تصريح إلى «الحياة»، أن عدد موظفي شركتي «نينوى» و«سامراء» وصل إلى 7200 موظف يضاف إليهم 900 موظف قدموا من شركات التصنيع العسكري المنحل. وأكد أن تخصيص الشركتين بات حتمياً بعد الخسائر التي تكبدتها الوزارة، موضحاً أن الأسبوعين الماضيين شهدا تقديم شركة «ساختيان» الأردنية و «أسيا» السورية عرضين لشراء «نينوى» و «سامراء»، لكن المفاوضين العراقيين اعترضوا على بعض البنود، وأرجئ الأمر حتى آذار (مارس) المقبل. وعزا الحمداني خسائر الشركتين إلى أسباب مختلفة من بينها سياسة وزارة الصحة العراقية التي اعتمدت أكثر من ستة آلاف دواء، بينما تعتمد مصر التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف الشعب العراقي على 3500 نوع. وأوضح أن الشركتين تنتجان ما بين 190 صنفاً و250 صنفاً، وأن سبب هذه الفوضى يعود إلى اللجنة الوطنية لاعتماد المستحضرات الدوائية التي فتحت الباب على مصراعيه للسماح للشركات المستوردة. وقال: «على رغم تشجيع الحكومة للمنتج المحلي، غير أن كل شركات الدواء العراقية لا تسد سوى 35 في المئة من حاجات العراق الكلية، ويتم استيراد الباقي، غير أن مسؤولي وزارة الصحة يفضلون المنتج الأجنبي الذي غالباً ما يتم بصفقات لا تخلو من فساد». وأكدت الناطقة باسم وزارة الصناعة والمعادن هناء الحسيني أن وزارة الصحة بدأت تتشدد في السماح باستيراد الأدوية، ما سيساعد الشركتين على التنافس خصوصاً أن 70 في المئة من إنتاجهما يذهب لتغطية حاجات وزارة الصحة. وأشارت إلى خطط للنهوض بواقع الشركتين بعد استحداث خطوط إنتاجية لعقاقير حديثة غير منتجة محلياً، والسعي إلى مواكبة التطورات والتقنيات التكنولوجية في المجالات الصناعية المختلفة من خلال التعاون مع شركات عالمية. ولفتت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري إلى أن «الحكومة سبق وقررت دعم شركات القطاع الخاص الدوائية من خلال اعتمادها رسمياً في تجهيز وزارة الصحة، بخاصة أنها تنتج بامتياز لمصلحة الشركتين الحكوميتين». وتابعت: «قطاع الدواء يعاني من مشاكل عدة أهمها استمرار ظاهرة دخول المستحضرات الطبية إلى البلاد في شكل غير رسمي ومن دون رقابة، إضافة إلى ظاهرة الصيدليات الوهمية المنتشرة في المدن العراقية».