يبدو أن السعوديين سيدخلون في أزمة مع العمالة المنزلية، بعد أن قصرت الجهات المختصة استقدام خادمات المنازل على الدول الإفريقية وسيرلانكا خلال الفترة الماضية. ومن اللافت في عملية إبدال الخادمات الإندونيسيات وإحلال الإفريقيات، تلك الأخطاء التي وقعت في عملية استقدام تلك العمالة الإفريقية من قبل المكاتب الموجودة في الدول الإفريقية، حيث وصلت عشرات العاملات المنزليات من غير المسلمات ومن ديانات مختلفة إلى السعودية قبل أن تتم إعادتهن إلى بلدانهن، إذ اتخذت تلك العمالة التي لا تزال تتوافد على السعودية حيلاً وأعذاراً متعددة تنتهي إلى عدم العودة مجدداً، خصوصاً وأن فترة عملها لا تتجاوز أربعة أشهر منذ قدومها من بلادها، وبمجرد وصولها إلى كفيلها وبعد مرور أسابيع تبدأ في إيجاد أعذار من خلال إدعاء وفاة أحد أقاربها وغيرها من الأعذار الأخرى حتى تعود إلى بلادها. وفي جولة ل «الحياة» على عدد من مكاتب الاستقدام في محافظة جدة تم تسجيل الكثير من الشكاوى والملاحظات على تلك العمالة، إلا أن البارز في عمل تلك المكاتب كان في خفض الإقبال بسبب توقف العمالة الإندونيسية والفيليبينية. وفي تلك المكاتب، يتردد سؤال واحد: «هل عندكم عمالة إندونيسية ؟»، ولا يبدو ذلك غريباً، فالسعوديون لم يستطيعوا التأقلم مع العمالة الأفريقية حتى على رغم أن مرتباتهم الشهرية أقل بكثير من تلك التي تتقاضاها الخادمات الإندونيسيات. وأوضح مدير مكتب الغامدي للاستقدام سعيد الغامدي أن ما يحدث في العمالة المنزلية حالياً هو من باب الاحتيال وارتفاع الأسعار وغيرها، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في المكاتب الموجودة في الدول الأفريقية التي يتم الاستقدام منها. وأرجع سبب ذلك إلى أن بعض المكاتب ترسل «الخادمة» إلى السعودية من دون التزام بالشروط والاتفاقات، لافتاً إلى أنه في بعض الأحيان تصل الخادمات غير المطلوبات للمنازل السعودية. وأضاف: «إن الخادمة من دول إفريقيا تبتكر الأعذار، وتوهم الأسر السعودية بأن لديها مشكلات في بلادها، وأنها ستعود مرة أخرى، لكنها وبمجرد الحصول على أول راتب شهري، تذهب ولا تعود مجدداً، وهو ما يقلق الأسر السعودية». ولفت إلى أن إيقاف العمالة الإندونيسية والفيليبينية أثر كثيراً على الأسر، إضافة إلى تأثيره على مكاتب الاستقدام، مشيراً إلى أنهم يواجهون صعوبات في التعامل مع المكاتب الإفريقية هناك، لعدم خبرتهم في هذا المجال عكس المكاتب الموجود في إندونيسيا. وحول أسعار الخادمات الآن في السوق السعودية، أشار الغامدي إلى أن تأشيرة الخادمة الإفريقية لا تتجاوز ال5500 ريال، ويستغرق وصولها أربعة أشهر وأكثر، مطالباً في الوقت نفسه بإيجاد حلول لعودة العمالة الشرق آسيوية بشكل سريع. من جهة أخرى، أكد محمد أبو سرهد مدير مكتب محمد أبو سرهد للاستقدام على أن توقف استقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا أثر على مكاتب الاستقدام والأسر السعودية عموماً، مشيراً إلى أن هذا التأثير يأتي بسبب التفاهم في العمل مع هذه الدول، ما سهل عملية التأشيرات واختيار العمالة المدربة. وأضاف قائلاً: «الآن فتحت دول الحبشة وجنوب إفريقيا وكينيا مكاتب قليلة الخبرة وليست لديها تجربة، ووصلت لهم تأشيرات بكميات كبيرة ولا يعرفون كيف يتعاملون معها»، واعترف أبو سرهد بأن المكاتب في الدول الإفريقية ترسل أحياناً عمالة غير مسلمة، وتتم إعادتها من قبل المكاتب في السعودية لأنها مخالفة للطلب المرسل. وتساءل عن مشروعية حصول مجلس الغرف السعودية على رسوم مالية بمبلغ يصل إلى 1000 ريال يتم تحصيلها من مكاتب الاستقدام، مشيراً إلى أن ذلك يعطل عمل المكاتب ويكلفها خسائر كبيرة. وأشار إلى أن السفارات السعودية في الدول الإفريقية تطلب من مكاتب الاستقدام خطابات من الغرفة التجارية توضح أن صاحب المكتب مشترك، مشيراً إلى أنه وعند الرجوع للغرفة طلب منهم المسؤولون دفع 1000 ريال كرسوم على كل طلب أو ثلاثة آلاف كاشتراك سنوي على رغم أنهم سددوا رسوم العضوية. وواصل حديثه متسائلاً: «لدي استفسار موجه إلى رئيس مجلس الغرف السعودية، وهو على أي أساس يتم الحصول على مبلغ ألف ريال في كل عقد للحصول على عمالة إفريقية؟ ولمصلحة من هذا المبلغ؟». وأوضح أبو سرهد أن المواطنين السعوديين تعودوا على العمالة الإندونيسية، مشيراً إلى أن العمالة الإفريقية لا تجد لها قبولاً وارتياحاً لدى الأسرة السعودية. وأكد أن الحل الوحيد لإنهاء مشكلات العمالة المنزلية في السعودية هو تفعيل شركات الاستقدام والبدء في ممارسة نشاطها في أقرب وقت ممكن، لكي تلبي حاجات الأسر السعودية.