عادت الأحداث السورية إلى الواجهة في المحطات الفرنسية مع «لا قرار» مجلس الأمن، ومع استهداف حمص في اليومين الماضيين. وكان عزل المدينة عن العالم الخارجي مناسبة للحديث عن تلك المدينة «الشهيدة» و «المتمردة» و «قلب الثورة السورية»، مدينة زوجة الرئيس السوري، «الحمصية والسنّية»، كما ذكر تحقيق تلفزيوني بثته المحطة الإخبارية الخاصة «إي تلي» الإثنين. ليست المرة الأولى التي تظهر فيها «السيدة الأولى» في تحقيقات تلفزيونية فرنسية، لكنها الأولى التي تنتهي بتشبيهها بشخصيتين تركتا أثراً في التاريخين الفرنسي والبريطاني. «السيدة التي كانت تتصدر صفحات مجلات الموضة»، ظهرت في التحقيق في ساحة الأمويين مع طفليها، فهذه «البريطانية - السورية» تساند زوجها في شكل كامل منذ بداية الانتفاضة. «سيدة الأعمال» التي ولدت ونشأت في بريطانيا اختارت الإقامة في سورية وتزوجت الرئيس من أجل «القيم التي يمثلها». ووفق التحقيق، فهي أعلنت عام 2009 «أنها تقدر باراك اوباما» ولكن «الأسوأ من هذا»، ودائماً بالرجوع إلى كلامهم، أن السيدة الأولى أعلنت لهم أن الديموقراطية تسود في بلادها قائلة: «أرجو ألا تعتقدوا بأن الناس هنا لا ينتقدون ولا يشتكون من الحكومة، من القطاع العام، ومن الأزمة الاقتصادية» (فقط؟)، إنهم بالطبع يفعلون، كالآخرين كبقية الناس العاديين، لكن مع فارق بسيط، ففي سورية «ما نحاول بناءه هو ألا يكتفوا بالشكوى ولكن ان يكونوا جزءاً من الحل». كانت تتحدث بالانكليزية التي تتقنها. وأشار التحقيق إلى أنها رمز «التحديث» في البلاد وتحدثوا عن أسرتها ودراستها. كانت الصورة إيجابية بالطبع لمشاهد غربي يرى هذه الصورة «المشرقة» لامرأة عربية، بيد أنهم كما يقال بالعامية «نزعوها» في النهاية. إذ انتهى التحقيق عن هذه الشخصية «الحديثة» بالقول إن بعض المعارضين «يشبّهها بماري انطوانيت أو بليدي ماكبث». هاتان الشخصيتان التاريخيتان والأسطوريتان طبعتا الذاكرة العامة بنهايتهما الشنيعة. ماري انطوانيت ملكة فرنسا وزوجة لويس السادس عشر، وفي دليل على عدم إدراكها لحقيقة ما يجري في بلدها اثناء الثورة الفرنسية، نطقت بعبارتها الشهيرة «ليتناولوا الكعك»، وذلك حين تناهى إليها ان الشعب يثور لأنه لا يجد الخبز. ثم ما لبث رأسها الجميل ان انتهى تحت مقصلة الثورة. أما ليدي ماكبث في تراجيديا شكسبير فيعتبر كثر هذه الشخصية التاريخية الأسطورية من أصعب الأدوار النسائية، فهي التي دفعت زوجها الى قتل الملك لتغرق بعدها «في الجنون ونوبات الهلوسة وترفع يديها أمام وجهها وهي تتخيلهما ملطختين بالدم لتنتهي بالانتحار». السؤال عن «بعض» الذي فكر بهذين التشبيهين المأسويين، واللذين أثارا لا ريب مخيلة الصحافي وإعجابه وإلا لما كان قدمهما كجملة تختتم تحقيقه. تشبيهان فاتنا سماعهما من قبل، كما فاتنا الكثير من آراء «السيدة الاولى» التي تظهر متحدثة على الشاشات الغربية أكثر منها على العربية.