بعودة وزراء القائمة «العراقية» إلى حضور اجتماعات الحكومة، تكون قضية مقاطعة كتلة أياد علاوي للبرلمان ومجلس الوزراء قد حلت، لكن تسوية الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من عام بقيت معلقة على أمل انعقاد مؤتمر قادة القوى السياسية الذي تتضارب الآراء حول إمكان توصله إلى توافقات نهائية. وترى أوساط سياسية أن حل هذه العقدة حصل بعد توافق إيراني - تركي على التهدئة. وعقدت الحكومة العراقية اجتماعها الأسبوعي أمس في حضور ثمانية وزراء من «العراقية» كانوا قاطعوا الجلسات حوالى الشهرين احتجاجاً على ما اعتبرته القائمة تهميشاً لها واستهدافاً لرموزها وعدم تطبيق بنود اتفاق أربيل التسعة. ورأت الكتلة التي تعرضت لهزات قوية أخيراً، بعد صدور أمر قضائي باعتقال القيادي نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب، وعزل نائب رئيس الوزراء القيادي في الكتلة أيضاً صالح المطلك من منصبه، وانسحاب عدد من أعضائها، خصوصاً في جنوب البلاد، أنها نجحت عبر المقاطعة بإيصال «رسالتها التحذيرية من خطورة المسارات المعتمدة على الجميع»، وأنها حظيت ب «التفهم والتعاطف» محلياً ودولياً. ولوحظ تضارب في تصريحات ممثلي القوى السياسية الرئيسية وداخل «العراقية» نفسها حول طبيعة «الضمانات» التي حصلت عليها مقابل إنهائها المقاطعة. وكانت النائب إيمان موسى المحمدي أبلغت إلى «الحياة» أن كتلتها «حصلت على الضمانات الكافية لحل المشكة»، فيما أكد القيادي في القائمة حامد المطلك أن «القرار بادرة حسن نية لإنجاح الاجتماع التحضيري للمؤتمر الوطني، ودليل على رغبتنا الحقيقية في حل الأزمة السياسية بالاستناد إلى اتفاقات أربيل». وأهم بنود هذه الاتفاقات، تشكيل المجلس السياسي برئاسة القائمة، وتحقيق التوازن في الوظائف وصفوف قوات الأمن، وإقرار نظام داخلي للحكومة وحل مشكلة صلاحيات المحافظات. واتفقت الأوساط السياسية التي تزمع عقد مؤتمر للقادة، لم يتم الاتفاق حتى الآن على جدول أعماله، على عزل قضية الهاشمي المقيم حالياً في إقليم كردستان عن الأزمة السياسية. ويراهن سياسيون هذه القضية ستهمل نظراً إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن إثبات التهم على الهاشمي قضائياً أو تبرئته سيقودان بالضرورة إلى المزيد من التداعيات على مستوى التوافق السياسي والمذهبي. وكان الدور التركي برز للمرة الأولى داعماً صريحاً ل «العراقية» في الأزمة الأخيرة، بالإضافة إلى الدور الإيراني الفاعل في العراق منذ عام 2003. ولوحظ أن قرار حلحلة الأزمة التي رافقها تخفيف قطبها الآخر «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي، تصعيده الإعلامي والسياسي، صدر بعد أيام من لقاءات أجراها السفير الإيراني في بغداد حسن دانائي فر مع زعمائها وبينهم أياد علاوي، أعقبت تحذيرات تركية غير مسبوقة أطلقها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي اتهم الحكومة بتأجيج الصراع الطائفي. ولوحظ أيضاً الدور الذي لعبه زعيم «المجلس الإسلامي الأعلى» عمار الحكيم الذي زار أنقرة وطهران أخيراً، وأجرى محادثات مع كبار المسؤولين في البلدين في إقرار صيغة توافقية لإعادة نواب العراقية ووزرائها عن قرار المقاطعة. وعلى رغم نفي المقربين من المالكي قبوله تقديم ضمانات تعتبرها «العراقية» أساسية لتحقيق الشراكة الوطنية وتجنب التفرد بالحكم، في مقابل تراجع المحافظات السنية بالانفصال وتشكيل أقاليم مستقلة، فإن المصادر السياسية تؤكد أن الدورين التركي والإيراني كانا حاسمين في التوصل إلى توافق مبدئي على التهدئة.