أكد المدير العام ل «صندوق النقد العربي» جاسم المناعي، أن انعكاس أزمة الديون السيادية في أوروبا على الدول العربية ضئيل جداً ولا سبب لأي قلق على الوضع المالي العربي، مشدداً على أن المنطقة العربية أقل تأثراً من غيرها بهذه الأزمة. وقال في تصريح إلى «الحياة» على هامش ورشة عمل نظمها الصندوق في أبو ظبي أمس بالتعاون مع المصرف المركزي الألماني «بوندس بنك» حول «السياسة النقدية والاستقرار المالي»، إن «الدول الأوروبية تبذل جهوداً مكثفة للتغلب على أزمة الديون السيادية في أوروبا». وأكد ضرورة التوصل إلى حل لمشاكل الديون في اليونان ومنحها حزمة المساعدات المقررة في آذار (مارس) المقبل، محذراً من انعكاس كبير للفشل على الأسواق العالمية. ودعا المناعي الدول العربية لمواصلة العمل على تطوير الأدوات اللازمة لسياسة نقدية نشطة وفعالة لاستكمال الجهود لضمان المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي. وأشار إلى أن التطور والتنوع في المؤسسات والأنشطة المالية والمصرفية في المنطقة العربية خلال المرحلة المقبلة سيواكبه تركيز على أهمية تطبيق الرقابة الاحترازية الكلية، مؤكداً أن أدوات الرقابة المصرفية التقليدية قد لا تنفع في ضبط الأخطار النظامية التي قد تنشأ من ترابط الأنشطة والعمليات المالية والمصرفية المختلفة وتداخلها. وأضاف: «من أبرز الحاجات في هذا الشأن العمل على تعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف أجهزة الرقابة، والإشراف على القطاع المالي. وليس ضرورياً ترك هذه المهمة على عاتق المصارف المركزية وحدها بل يجب أن يكون هناك تبادل مستمر للمعلومات وتنسيق كافٍ بين هذه الجهات». ولفت إلى أن معظم الدول العربية قطع شوطاً في إرساء مقومات رقابة فعالة على المؤسسات المصرفية. ونبه إلى أن الرقابة الاحترازية الكلية لا تزال في مراحلها الأولى في غالبية الدول العربية على رغم أن بعضها باشر بالفعل تطبيق بعض أدوات هذه الرقابة كما هي الحال لدى دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أن موضوع دور السياسة النقدية في تحقيق الاستقرار المالي يحظى بجدل ونقاش بين صانعي السياسات الاقتصادية والنقدية على ضوء تداعيات الأزمة المالية العالمية. وقال: «تبرز في هذا الوقت أيضاً أزمة المديونيات السيادية في منطقة اليورو وما تحمله من دروس وعِبَر ستلقي بكل تأكيد بآثارها على السياسات والعمليات النقدية للمصارف المركزية». وتابع أن: «الأزمة المالية العالمية الأخيرة وتداعياتها قد غيرت الكثير من المفاهيم إذ بات السعي للمحافظة على الاستقرار المالي والحد من الأخطار النظامية يمثل أولوية رئيسية يجب أن تتضافر الجهود من أجلها». وأكد حرص «صندوق النقد العربي» على تطوير برامجه وسياساته بما يستجيب إلى حاجات دعم جهود التنمية الاقتصادية في الدول العربية بخاصة على صعيد القطاع المالي والمصرفي، لافتاً إلى أن الصندوق عمل على تطوير تسهيلاته الإقراضية لدعم الإصلاحات في هذا القطاع وأقدم على إطلاق مجموعة من الأنشطة والمبادرات للمعونة الفنية هدفت إلى تعزيز متطلبات الاستقرار المالي من خلال العمل على تطوير البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي وتحسين ممارسات إدارة الأخطار. وأعلن أن «الصندوق في صدد إطلاق مبادرة جديدة في سياق تحسين فرص الوصول إلى الخدمات المالية تتعلق بتطوير قطاع التمويل العقاري، ستساهم أيضاً في تقوية القواعد القانونية والرقابية التي تحكم هذا القطاع وفي الحد من الأخطار فيه».