«ما أفكر إلا في تزويج بناتي قبل ما أموت»، بصوت مبحوح ومنكسر من شدة الحزن، بدأ عمر عامر الأسمري (66 عاماً)، حديثه ل«الحياة» حول معاناته مع العوز والحاجة، وعدم قدرته على تلبية مطالب أسرته. «كرت العائلة» الخاص بعامر يخلو من معظم بناته، ويعود السبب في ذلك إلى أنه كان يعيش سابقاً في قرية بعيدة تخلو من كل شيء، بما في ذلك وسائل المواصلات، ويقول الأسمري: «قام فاعل خير ببناء بيت لي، وقمت بعد ذلك بمراجعة الأحوال المدنية، ورافقني شيخ القبيلة مشكوراً لإنهاء إجراءات المعاملة»، مضيفاً: «طلبوا مني بلاغات الولادة من المستشفيات، ولا توجد عندي سوى بلاغات من مستوصفات خاصة». عدم إدراج الأسمري لبناته في «كرت العائلة» حرمهن من إكمال تعليمهن، وعدم علاجهن في المستشفيات، إضافة إلى تعطل مصلحة الأسرة بشكل تام. ويؤكد المسن أن المدارس رفضت استمرار بناته في الدراسة، فيما رفضت قبول الأخريات، لعدم وجود سجل مدني لهن «هذه المشكلة حرمتني وأسرتي من الاستفادة من مساعدات الضمان الاجتماعي، على رغم أنني مستحق لها منذ سنوات»، موضحاً «تكبدت ديوناً كثيرة بسبب قلة مداخيلي، وما أريده فقط هو إضافة أبنائي في كرت العائلة». ويشير الأسمري إلى أن هذه المشكلة انعكست سلباً أيضاً على المستوى الاجتماعي لأسرته، لافتاً إلى أن بناته حرمن من الزواج في فترات متعاقبة، «كلما تقدم شخص إلى إحدى بناتي يفشل الزواج، بسبب عدم وجودهن في سجلات الأحوال المدنية، ولا أعلم ماذا أفعل». وحول المسكن الذي يقطن فيه وأسرته يؤكد «أسكن في منزل ضيق جداً، قام ببنائه فاعل خير، وأسرتي مكونة من ثلاثة ذكور وخمس إناث، وجل طموحي هو منزل يؤويهم، وتسجيلهم في كرت العائلة، كي يأخذوا فرصتهم في الحياة مثل غيرهم ويتعلمون»، مستدركاً: «مستقبل أبنائي مجهول ومخيف، ولا أعلم ماذا ينتظرهم». ولا يخفي الأسمري أن الجهل كان له دور كبير في كل تلك المشكلات «حاولت كثيراً حل تلك المشكلة ولكن بلا فائدة، وأتمنى من المسؤولين في وزارة الداخلية، خصوصاً الأحوال المدنية، مساعدة أسرتي وإيجاد حل لهذا الوضع، الذي يهدد مستقبل أبنائي».