ليس من باب الصدفة أن يحمل الأسبوعان الفائتان تصويت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بالإجماع على مشروع قرار لمعاقبة «حزب الله»، وإدراج وزارة الخزانة الأميركية لشركة «ستارز غروب» اللبنانية وفروعها في الصين والإمارات بدعوى تزويد الحزب قطع طائرات استطلاع. فالجهد الأميركي وبدعم من مجموعات ضغط نافذة في واشنطن، يتزايد لحشر «حزب الله» اقتصادياً ومالياً ومع اتساع دوره في الحرب السورية وفي الداخل اللبناني. فقرار وزارة الخزانة يوم الخميس بإدراج «ستارز غروب هولدينغ» في بيروت وفروعها في الصين والإمارات على لائحة الإرهاب، بدعوى تزويدها الحزب بتكنولوجيا طائرات استطلاع استخدمها «حزب الله» في نشاطاته العسكرية في سورية وفي عمليات تجسس ضد إسرائيل، جاء بحسب مصادر موثوقة بعد مشاورات أجراها الأميركيون مع الجانب اللبنانيوالصيني والإماراتي وبعد رصد للملف استمر أعوام. وتزامن الإعلان عن القرار مع وجود وزير الخزانة الأميركي جاك لو في زيارة رسمية للصين. فمن الناحية الاقتصادية، يوجب تطبيق القرار تعاوناً من هذه الجهات، ويستدعي من الناحية الاستخبارية تنسيقاً أفضل لقطع الطريق أمام التفاف «حزب الله» على الإجراءات إلى لهذه القطع. وفسر نائب مساعد وزير الخزانة ديفيد كوهن القرار بأنه يعبر عن خطورة تنامي نفوذ «حزب الله» واستخدامه طائرات الاستطلاع في سورية وفي إسرائيل. وقال إن دور «حزب الله» اليوم بات يصل «أبعد من لبنان وتوظيفه شبكات مالية دولية لتحسين قدراته العسكرية في سورية ونشاطاته الإرهابية حول العالم هو أمر مقلق». وكانت إسرائيل وبحسب تقارير إعلامية أسقطت طائرة استطلاع ل «حزب الله» فوق أراضيها العام الفائت، كما تشتبه الولاياتالمتحدة باستخدام الحزب لهذه الطائرات في سورية ولجمع معلومات حول مقاتلي المعارضة. وفي مقابل إجراءات وزارة الخزانة الأميركية، يأتي مشروع القرار رقم 4411 في الكونغرس الأميركي المخصص ل «حزب الله»، ليعكس الاهتمام المتزايد بالتنظيم اللبناني المدرج على لائحة الإرهاب الأميركية، وتقاطع مصالح مجموعات ضغط تعمل على تمرير القرار اليوم، إذ تؤكد مصادر ل «الحياة» أن المجموعات لم تقتصر على «لجنة العلاقات الأميركية - الإسرائيلية» (أيباك) التي تدفع بقوة لتبني القرار، بل شملت مجموعات للمعارضة السورية، وأخرى لبنانية معارضة ل «حزب الله» تنشط في العاصمة الأميركية وتعمل لاستقطاب الدعم للمشروع. ويساهم هذا الأمر في تشكيل تحالف واسع خلف المشروع، الذي حصد 280 توقيعاً (غالبية) في مجلس النواب و36 توقيعاً في مجلس الشيوخ، ما يعني حتمية تمريره عند التصويت في مجلس النواب وإمكانية إضافة تعديلات عليه من قبل الشيوخ. وبعد موافقة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بغالبية ساحقة (44 صوتاً) قبل أسبوعين، ينتظر المشروع تصويت المجلس بالكامل قبل تحويله إلى مجلس الشيوخ ومن ثم إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما لتوقيعه قانوناً في حال الموافقة عليه. وهو يهدف إلى تقويض التحركات المالية ل «حزب الله» ويعاقب أي جهة أجنبية تسهل تمويل الحزب بما في ذلك المصارف اللبنانية والمصرف المركزي. ويحمل المشروع عنوان «قطع الطريق أمام حزب الله من المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات أخرى» وهو في شكله ونصه إعادة لتجربة العقوبات ضد إيران والتي أجبرتها برأي الأميركيين على تقديم تنازلات. ويدعو النص إلى معاقبة المصارف الأجنبية التي «تتعامل عن سابق معرفة وطوعاً مع حزب الله وتسهل تحويلات مالية إلى الحزب». ويشمل هذا الشق المصارف اللبنانية بما فيها المصرف المركزي. ويصنف النص «حزب الله» كمنظمة «إرهابية عابرة للحدود» ويطلب من الرئيس الأميركي في حال تمريره رفع تقرير شهري للكونغرس حول نشاطات «حزب الله» في تبييض الأموال وتهريب المخدرات ونشاطات جرمية أخرى في أميركا اللاتينية وأفريقيا، إلى جانب تشديد الإجراءات ضد الجهات التي تسهل بث قناة «المنار» التلفزيونية التي يعتبرها المشروع «فضائية مرتبطة بالحزب». وإذ تشير مصادر موثوقة إلى أن مشروع القرار يثير مخاوف داخل لبنان وعلى مستوى قطاع المصارف، خصوصاً المصرف المركزي، تؤكد في الوقت ذاته أن الكونغرس مدرك لهذا الأمر وأن التعديلات الأخيرة على المشروع كانت لاحتواء مضاعفات القرار على المصرف المركزي، إذ جرى حذف فقرة تجبر الإدارة على تعريف المصارف المركزية التي تسهل تمويل «حزب الله». وفي ما لا يعفي هذا الحذف المصرف المركزي اللبناني من المسؤولية غير أنه لا يضعه في عين العاصفة. ويركز القرار على المصارف الخاصة والجهات الدولية الداعمة ل «حزب الله» وهو يعطي مهلة 120 يوماً لوزارة الخزانة لمنع أي حسابات أميركية أو معاقبة حسابات أجنبية من بينها المصارف المركزية التي تسهل نشاطات الحزب، إنما يمكن للوزارة ممارسة حق الفيتو وعدم تطبيق كل هذه البنود في حال «تعارضت مع مصالح الأمن القومي» إنما بعد إبلاغ الكونغرس.