أقر مجلس الشيوخ الأميركي بعد شهور من المفاوضات والمواجهات الساخنة بين الغالبية الديموقراطية والأقلية الجمهورية، نسخته من مشروع قانون الاصلاح المالي الذي دفع به الرئيس باراك أوباما إلى الكونغرس بعدما وضع في «قمة أولوياته» مهمة إصلاح «حي المال» (وول ستريت) الذي حمله جانباً كبيراً من مسؤولية ما حل بالولايات المتحدة من كوارث مالية واقتصادية على مدى الأعوام الثلاثة الماضية. وتمسك الشيوخ الجمهوريون بمعارضتهم لبعض بنود الاصلاح المالي الأساسية، إلا أن انضمام أربعة منهم إلى نظرائهم الديموقراطيين سمح للمجلس بإقرار مشروع القانون ليلة الخميس بغالبية 59 صوتا مقابل 39 صوتا. وانضم إلى المعارضين اثنان من الديموقراطيين اعتبرا ان المشروع الذي يقع في 1500 صفحة لم يذهب بما فيه الكفاية في طريق الاصلاح بعد عشرات التعديلات التي أدخلت عليه في جلسات استمرت طوال الاسبوع الماضي. ولم يشر أوباما الذي تحدث في حديقة البيت الأبيض قبل ساعات من بدء التصويت إلى معارضة الجمهوريين، لكنه شن هجوماً قوياً على المصارف الأميركية وما أنفقته من ملايين الدولارات في محاولة لإجهاض إصلاح «الهدف منه حماية المستهلك وحماية اقتصادنا ووضع حي المال في وضع المساءلة». وأضاف مستشرفا نتيجة التصويت «والآن أعتقد أنه يمكننا القول بثقة أن هذه الجهود فشلت». لكن الرئيس الاميركي الذي يأمل أعضاء الكونغرس الديموقراطيون في أن يضعوا النسخة النهائية لمشروع الاصلاح على طاولته للتوقيع عليها قبل حلول العيد الوطني في الرابع من تموز (يوليو) المقبل، شدد على أن الهدف من الاصلاح المالي ليس «معاقبة» المصارف وإنما ضمان أن «هذه الأزمة التي دفعت بإقتصادنا إلى حافة الانهيار وخسارة أعداد لاحصر لها من الناس منازلهم وإفلاس المئات من المصارف والشركات الصغيرة وفقدان الملايين وظائفهم لن تتكرر في المستقبل». ويتطلب الوصول إلى خط النهاية التوفيق بين نسخة مجلس الشيوخ والنسخة التي صدرت عن مجلس النواب في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وذلك في مؤتمر يضم مفاوضين من المجلسين وممثلين عن البيت الأبيض. ولاحظت مصادر الكونغرس ان نسختي الشيوخ والنواب تشتركان في الغالبية العظمى من البنود الأساسية للاصلاح، مثل إنشاء مجلس للرقابة على الاستقرار المالي يضم في عضويته وزير الخزانة ورئيس مجلس الاحتياط والمراقب المالي، وتأسيس هيئة خاصة لحماية المستهلك، ومنع المصارف من مزاولة نشاطات المضاربة لحسابها الخاص، وتقنين الاتجار بالمشتقات المالية وإخضاع نشاط صناديق التحوط للمراقبة باجبارها على التسجيل لدى لجنة البورصات والأوراق المالية. لكن النسختين تفترقان عن بعضهما في تفاصيل قال رئيس اللجنة المصرفية السيناتور الديموقراطي كريستوفر دود الذي قاد مفاوضات مضنية مع نظرائه الجمهوريين، انها غير جوهرية، فبينما يقترح مجلس النواب في نسخته إنشاء هيئة مستقلة لحماية المستهلك استقرت نسخة مجلس الشيوخ على إلحاق هذه الهيئة بمجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي الأميركي). كذلك طرحت النسختان اقتراحاً يلقى معارضة ضمنية من جانب البيت الأبيض ومعارضة صريحة قوية من طرف الجمهوريين ويتلخص في فرض رسوم على المصارف الكبيرة لانشاء صندوق الغرض منه تمويل تصفية المؤسسات المالية المتعثرة مهما بلغ حجمها وتشعب نشاطها، إلا أن النواب اقترحوا أن يكون رأسمال الصندوق المقترح 150 بليون دولار بينما انحصر اقتراح مجلس الشيوخ في مبلغ لا يزيد عن 50 بليونا.