نجح المؤلف والمخرج والممثل الفرنسي فانسان ماكيني (33 سنة) بإبهار جمهور مهرجان أفينيون المسرحي العريق الصيف الماضي، حين قدم عملاً من إخراجه وبطولته بعنوان «على الأقل سأترك جثة جميلة» مستوحى من مسرحية شكسبير الشهيرة «هاملت». ولكن ماكيني حوّل المسرحية الأصلية إخراجياً إلى حبكة عنيفة جداً تتضمن مشاهد مؤثرة تهزّ كيان المتفرج وتدفع به إلى إعادة النظر في مضمون ما كتبه شكسبير أصلاً. وعلى رغم كل ذلك لم يُغيّر ماكيني في القصة الأساسية التي يرويها المؤلف. وهذا النجاح في أفينيون خوّل ماكيني أن ينقل مسرحيته إلى باريس ليعرضها على خشبة قاعة «شايوه» الضخمة على مدى ثلاثة أسابيع، جاذبة عدداً كبيراً من الفرنسيين الذي حجز كل التذاكر من اليوم الأول للافتتاح. تخرّج ماكيني في كونسرفاتوار باريس للدراما. وهو معتاد المشاركة كممثل في مسرحيات كلاسيكية مأسوية، إلا أن فيروس الإخراج أصابه دافعاً به إلى خوض تجربة تقديم إحدى أشهر المسرحيات العالمية «هاملت»، في حلّة تعتمد على نظرته الشخصية إلى نصها، فضلاً عن الإخلاص لروح شكسبير وجميع الذين أخرجوا المسرحية حتى الآن. ومن المسرح إلى السينما، حيث تعرض الصالات في الأيام المقبلة فيلم «عالم بلا نساء» من إخراج غيوم براك وبطولة فانسان ماكيني ولور كالامي وكونستانس روسو. ويروي الفيلم قصة المغامرات الفاشلة التي يعيشها رجل ثلاثيني مع النساء. ويؤدي ماكيني دور هذا الشاب الحسن النية والعاجز كلياً عن إثارة أي عاطفة من الجنس الناعم تجاهه. الأمر الذي يجبر المشاهد إلى التعاطف الكلي مع شخصية ماكيني التي يؤديها بأسلوب فذّ، وبالتالي الرغبة في تقديم النصيحة إليه. وهذا الجذب الناجح لعقل المشاهد وعواطفه لا يعود إلى الإخراج أو إلى الكتابة السينمائية، بل قبل كل شيء إلى أداء ماكيني الطبيعي إلى درجة تقربه من عمالقة هوليوود الحائزين جائزة الأوسكار. فلا عجب أن يكون قد رشح لجائزة أفضل ممثل في مسابقة «سيزار» الفرنسية المرادفة لمناسبة جوائز الأوسكار الأميركية والتي ستعقد في نهاية شباط (فبراير) الجاري. وعلى أجندة ماكيني السينمائية مشاريع كثيرة للمشاركة في أفلام كل من كاترين كورسيني وبرتران بونيلو وفيليب غاريل (من كبار أسماء السينما الفرنسية الحالية). ناهيك عن استمراره في تقديم العروض الخاصة بمسرحية «على الأقل سأترك جثة جميلة» التي تجول في مدن أوروبية.