على ضفاف نهر كيفو في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، ثمة وسيلة نقل خارجة عن المألوف، هي عبارة عن عربة خشبية أشبه بدراجة هوائية تستطيع نقل حمولة كبيرة جداً وتضفي مزيداً من الفوضى على حركة السير في مدينة غوما. وهي على غرار الدراجات النارية التي تستخدم كسيارات أجرة، تنتشر في كل مكان في الشوارع الكبيرة المعبدة، كما الأزقة الصغيرة التي تشكل الجزء الأكبر من طرقات هذه المدينة البالغ عدد سكانها مليون نسمة والواقعة عند الحدود مع رواندا. يبلغ طول عربة «تشوكودو» مترين، وهي مجهزة بمقود عال وعريض. ونظراً إلى الحمولة الكبيرة التي تنقلها والتي توضع بتوازن متقن، فإن سائق «تشوكودو» يضطر الى دفع عربته بنفسه. في غوما عاصمة اقليم شمال كيفو تنتصب منحوتة ضخمة مذهبة منذ سنوات تكريماً للعمل المضني الذي يقوم به سائقو «تشوكودو» ولهذا الاختراع المحلي. وتضم المدينة 1500 سائق «تشوكودو» على ما تفيد نقابتهم المهنية. ويبدأ يوم العمل بالنسبة إلى المئات منهم الذين يقيمون في محيط المدينة، بنقل المنتجات الزراعية من الجبال الخضراء الى شمال المدينة لتغذية أسواقها. ومع وصولهم الى غوما، يلبون بعض الطلبيات فيها أو يعودون الى نقطة انطلاقهم محملين بالبضاعة ايضاً. وتعتز كيبومبا بأنها مهد «تشوكودو». يعمل بولان بارازيزا في مشغل خاص لتصنيع هذه العربة. ويقول الرجل البالغ 35 سنة ان ولادة هذه العربة «يعود الى العام 1973». ويضيف: «آباؤنا كانوا يذهبون لبيع البطاطا والتبغ» في سوق رواندية على بعد كيلومترات قليلة. ويضيف: «كانوا يذهبون بنقالات، لكن الأمر لم يكن فعالاً (...) واستوحينا هذه الفكرة من الدراجة الهوائية». وكانت اولى عربات «تشوكودو» مصنوعة من الخشب بالكامل، وكان ينبغي دهن العجلات بزيت النخيل مرات عدة لكي تتمكن العربة من السير. وشهدت مبيعات هذه العربة ازدهاراً كبيراً بين عامي 1985 و1990. وشهد العقد التالي اضطرابات إتنية ونزاعات إقليمية اجتاحت كيفو، ولا يزال الإقليم يعاني منها. لكن للمفارقة عرفت «تشوكودو» خلال هذه المرحلة السوداء تحسينات ملحوظة، إذ ألصقت إطارات قديمة حول العجلات لحمايتها واستخدمت بكرات حديد على العجلات ومدرجات بكريات، فيما وضع زنبرك من أجل تثبيت المقود. وباتت العربة تقطع مسافات أطول ويمكنها نقل حمولة من نصف طن. وتتمتع بعض النماذج بمكابح خلفية. ويقول داماس سيبومانا، سائق «تشوكودو» يجني حتى عشرة دولارات يومياً: «التشوكودو هو حياتنا». وتحظى هذه المهنة باحترام. ويقول داي كاييي، وهو محلل سياسي ومؤرخ محلي، ان تزويج الابنة الى سائق تشوكودو «يعني انها لن تعرف الجوع أبداً».