كلنا في الهم شرق، تبدو هذه العبارة ملامسة جداً لمشاعر النساء في كل أقطار الأرض، وتكون مناسبة أكثر حين تنتمي النساء فعلاً إلى الشرق، سواء المتوسط أو الأقصى، الدكتورة اليابانية نعيمة تسو جيقامي، الأستاذ المساعد في جامعة كوشي اليابانية درست في مجال قضايا المرأة السعودية لمدة 12عاماً، أوفدت للعمل من قبل وزارة الخارجية اليابانية في سفارتها بالمملكة عام 2000 وبعد انتهاء مدة عملها أعادت دراستها العليا عام 2008 وحصلت على درجة الدكتوراه في جامعة كوبي اليابانية بموضوع رسالة عن المرأة السعودية بعنوان «الجنس والسلطة في المملكة العربية السعودية المعاصرة: تحليل معالج من منظور نظرية سلطة فوكولديان». وتجد تسو جيقامي أن هناك الكثير من المعلومات المغلوطة عن المرأة السعودية خصوصاً في اليابان حيث يتراءى للبعض أن السعودية مجبرة على ارتداء العباءة السوداء بضغط من السلطة الذكورية التي تسيطر بشكل أو آخر على المرأة، وساد هذا المنظور من رؤية استشرافية لدى الغربيين وليس اليابانيين فقط. وكشفت نعيمة ل «الحياة» الأسباب التي قادتها لدراسات متخصصة بالسعوديات «نعم اخترت هذا الموضوع من تطلعاتي الخاصة ولكن بطبيعة الحال كان هناك خطوات لإقناع نفسي للمشاركة فيه كحياتي العملية. اذ تخصصت في اللغة العربية عندما كنت طالبة جامعية تحت التخرج لأنني كنت مهتمة باللغات وخصوصاً الإنكليزية. ولكن فكرت بأنه ينبغي أن أختار لغة أخرى غيرها لأن هناك الكثير من الناس يتحدثون ويقرؤون ويكتبون بالإنكليزية». وتضيف: «اخترت اللغة العربية لأنها اللغة الثانوية لنا. وثم حصلت على فرصة عمل في السعودية. كانت فرصة عظيمة بالنسبة لي لأنني أردت أن أعيش في بلد في العالم العربي بعد أن سافرت إلى تونس في عام 1997 وسوريا في عام 1998. و لكن لم أرد أن اختار بلداً يمكن لأي شخص الذهاب والبقاء فيه»، مشيرة إلى امتنانها لأصدقائها السعوديين الذين دعموها خلال فترة وجودها بالسعودية. وتقول: «تأثرت بشدة من كرم الضيافة عند السعوديين، إذ دعوني إلى مكاتبهم وجمعاتهم العائلية ورحلاتهم البرية وفي كل مناسباتهم». وحول أوجه التشابه بين المرأة السعودية واليابانية، قالت: «لا أريد أن أحكم على كلتينا سواء بالتفوق أو بالأقل منزلة. ولا أعتقد أن أي واحدة منا ينقصها شيء، وبغض النظر عن الاختلافات الثقافية والاجتماعية والدينية. فالتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2011، أشار إلى أن اليابان تأتي في المرتبة 98 من أصل 135 بلداً. وهو مخفض بالمقارنة مع قدراتنا الاقتصادية فاليابان تحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. أما السعودية فلديها بنية مماثلة إنها تحتل المرتبة 131 في التقرير ذاته، في حين أن لديها قدرات اقتصادية كبيرة مع موارد طبيعية غنية». واستدركت بالقول: «أفهم أن في السعودية حققت نساء مناصب رفيعة المستوى في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكن في غضون هذه الأيام يواجهن مشكلة البطالة الخطرة وخصوصاً بين الشابات. فهذا يعني أننا نواجه مشكلات متماثلة من حيث مشاركة المرأة في سوق العمل.على رغم أن كلا البلدين ناجح إلى حد كبير من حيث الاقتصاد». وزادت: «مشكلتنا من حيث مشاركة المرأة العاملة تختلف عن السعودية. إذ إن مشكلتنا تتخلص في صعوبة إيجاد وقت للعمل بعد الولادة وأعتقد أن ذلك هو بقايا من النمو الاقتصادي السريع لعام 1960 و1970. وفي ذلك الوقت الرجال هم القوى العاملة بينما كانت الطريقة المثلى لحياة المرأة هي أن تتزوج و تصبح ربة منزل». موضحة أن هذا التوجه مفيد لكثير من العائلات في ذلك الوقت إذا كان الرجل الموظف يستمتع بالحياة الوظيفية. فإن صاحب العمل وعائلات موظفيه كانوا يتخيلون أنهم أفراد أسرة كبيرة. كما أنهم في اليابان أصدروا بإلزام الشركات بأن تشارك في نفقة زوجة الموظف وتأمينها الطبي ولكن الأمور تغيرت الآن نتيجة الركود الاقتصادي العالمي وارتفعت نسبة الطلاق، وهو ما يعني أن المرأة لا يمكن أن تعتمد على زوجها لبقية حياتها. وبات الناس مدركين أن الحياة الآن مملوءة بالأشياء المجهولة. وأردفت: «الجدير بالملاحظة أن عدداً من السعوديات تقدمن للالتحاق بالتعليم العالي واللائي تجاوز عددهن الرجال. أما في اليابان فتبلغ نسبة الملتحقات بالجامعات 44.2 في المئة، في حين أن الذكور بلغت نسبتهم 55.9 في المئة، وهذه الفجوة التعليمية ستؤثر على بقية حياة المرأة اليابانية كالبحث عن وظيفة والزواج و«التواصل الاجتماعي». منوهة بإعجابها بصدق وجرأة السعوديات في التعامل مع قضاياهن، وتقول: «قابلت الكثير من النساء السعوديات خلال مرحلة بحثي ووجدت أن هناك شخصيات إيجابية وأخرى سلبية في نظرتها للإصلاح، فمنهن من لديهن أسباب خصوصاً العائلية والثقافية. ولكن أعجبت كثيراً بالسعوديات خصوصاً اللائي يصارعن من أجل العدالة». اليابانيات ليس لديهن جدول أعمال مشترك