ربما لا يعلم من يحول في إيران مضيق هرمز إلى مشكلة أنه إذا نشب صراع حول الممر المائي، ستكون خاتمته مختلفة تماماً عن الطريقة التي انتهت بها الأعوام الثمانية للحرب الإيرانية- العراقية بتجرع كأس السم. فأنصار التيار اليميني الإيراني الذين يحلمون بالتفوق ويلتقطون أقرب مكبر للصوت ليصرخوا في شأن المضيق، الأرجح انهم يفعلون ذلك لأن الممر المائي أصبح موضوعاً انتخابياً. وربما يحاولون توجيه الرسالة الآتية إلى العالم: «نسيطر على هذا البلد، وعليكم التوصل إلى اتفاق معنا». ووفقاً لإحصاءات شركة «لويدز» (للتأمين) في لندن، فإن 546 ناقلة نفط تعرضت للهجوم أثناء حرب الناقلات في الخليج بين العراق وإيران في الثمانينات من القرن العشرين، ما اسفر عن مقتل 430 بحاراً. وفي أيار (مايو) 1987 أُصيبت الفرقاطة حاملة الصواريخ الموجهة «يو أس أس ستارك» بصاروخي «ايكزوسيت» مضادَّين للسفن قرب مضيق هرمز وهو ما بات واحداً من أسرار الحرب في الخليج. وقبل ذلك بأربعة أشهر كشفت صحيفة «الشرق» (الصواب هو مجلة «الشراع») اللبنانية أن إسرائيل والولاياتالمتحدة باعتا إيران صواريخ مضادة للدبابات ومضادة للطائرات، مقابل مساعدتها في تحرير الرهائن الأميركيين في لبنان. لقد ضُربت «ستارك» لتحذير الولاياتالمتحدة ولجذبها إلى مضيق هرمز والخليج. وفي نيسان (أبريل) 1988 اصطدمت الفرقاطة الحاملة للصواريخ الموجهة «يو أس أس صامويل بي روبرتس» بلغم أثناء دخولها مضيق هرمز لكنها لم تغرق. وعثر الغواصون الأميركيون على ألغام جديدة عليها كتابات «إيران اجر». ورداً على ذلك، شنّت البحرية الأميركية «عملية الجراد». وأثناء تنفيذها جرى تدمير منصتي النفط الإيرانيتين اللتين تحملان اسمي «ساسان» و «جزيرة سيري»، ثم أُصيب زورقا الصواريخ الإيرانيان «ساهاند» و «جوشان» وغرقا وقتل 56 بحاراً. وأُصيبت الفرقاطة الإيرانية «سابان» بصاروخ وأُخرجت من المعركة. وبعد شهرين أسقطت المدمرة حاملة الصواريخ «يو أس أس فنسينس» طائرة ركاب إيرانية وقتلت 290 شخصاً كانوا على متنها. في الواقع، الاستفزازات الرامية إلى إغلاق المضيق ووضع المجتمع الدولي في مواجهة إيران كانت فخاً نصبه العراق لإيران. لهذا السبب هاجم سفناً كانت تتجه إليها في الخليج، ولم ترد إيران على الهجمات هذه في الأعوام الأربعة الأولى للحرب. حتى في ذروة حرب الناقلات، لم تتراجع حركة المرور في مضيق هرمز سوى 25 في المئة، لكنه لم يغلق تماماً. والقسمان الرئيسان من قناتي المرور عبر المضيق للدخول والخروج إلى الخليج يقعان في المياه الإيرانية. ونظرة إلى الخرائط الدولية للمضيق توضح انه حتى الحدود التي جرى تعديلها بين إيران وعُمان، فإن مضيق هرمز تعود ملكيته إلى عُمان. ومن خلال التشويش على حركة المرور في المضيق، يتعين توقع رد من المجموعة الدولية. وتنبغي ملاحظة أن سيطرة إيران على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى (وجزيرة أبو موسى) التي تطالب الإمارات العربية المتحدة بها، قد تنتهي. ويمكن أيضاً تسليم الإشراف على المضيق إلى لجنة دولية لن يكون فيها أي دور لإيران. قبل مئتي سنة، فقد ملوك السلالة القاجارية أجزاء مهمة من أراضي إيران الشمالية لمصلحة روسيا القيصرية، بسبب معاهدتي غولستان وتركمانشاي. ولا يزال الإيرانيون يشعرون بالرغبة في الانتقام من قلة كفاءة الملوك الإيرانيين. وعلى نحو مشابه، لن تسامح الأجيال الإيرانية المقبلة أولئك الذين يستخدمون بجهل المسائل الأمنية والممرات المائية للبلاد في الصراع ضد خصومهم المحليين، أو الذين يحاولون قمع الأمة الإيرانية من خلال تبريرات زائفة للأزمات في مضيق هرمز. * كاتبة، عن موقع «روز» الإيراني، 23/1/2012، إعداد حسام عيتاني