عشنا ردحاً من الزمن لا نعرف شيئاً عن اللجنة الشرعية الطبية، وهي المختصة بالنظر في قضايا الشكاوى ضد الأخطاء الطبية، كان الصحافيون لا يستطيعون الوصول إليها أو لأحد من أعضائها، وكل ما نعرف بعد التقصي ان هناك غرفة في الوزارة يقوم عليها موظف متعاقد، كان الصمت حصناً حصيناً، و«ياما» كتبت عن قضايا أخطاء طبية أدمت قلوب أناس، ولم تحرك.. اهتماماً مستحقاً. تأملت ذلك الوضع، وأنا أعيد قراءة تصاريح صحافية متعددة لرئيس الهيئة الشرعية الطبية في جدة الشيخ عبدالرحمن العجيري في صحيفة «الحياة» ومقدار شفافيتها المتقدم، أود في الحقيقة أن اشكر الشيخ على احترامه لعقولنا، في أقواله تصديق لما كنا نكتب، وكان البعض يحاول تهميشه مرة بالحديث عن المبالغة، ومرات بالتحجج بالنسب العالمية في أميركا وكوستاريكا. وللتذكير ببعض من حسنات الشيخ انه صرح في زمن سابق عن هروب طبيب مصري متهم بوفاة 10 سيدات «عالجهن» من السمنة، ولم تتقدم أية جهة رسمية لتخبرنا كيف تمت عملية الهروب وهل في الأمر شبهة تهريب؟ الشيخ العجيري أكد على تزايد الأخطاء الطبية، وهذا أمر «محسوس»، إلا أن هناك قنابل صحية فجرها الشيخ -جزاه الله عنا كل خير- في آخر حديث له، تتعلق بالتعامل مع الأخطاء الطبية ومرتكبيها، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة عن حقيقة عمل جهات كهيئة التخصصات الطبية، وهل هي مجرد آلة جباية حينما ذكر الشيخ «أن جميع الأطباء الذين تنظر قضاياهم في الهيئة إما أنهم يعملون من دون ترخيص مزاولة مهنة أو يزاولون تخصصاً غير تخصصهم الفعلي»، انتهى، وهذه قنبلة صغيرة مثل قنابل الغاز المسيل للدموع، لكن انظر إلى التالي، وأنت الحكم «وأرجع العجيري أسباب تكرار الأخطاء الطبية من جانب الأطباء الذين عليهم سوابق مختلفة، إلى عدم وجود أرشيف معلومات يضم تاريخ الأطباء المدانين، الذين عليهم أخطاء طبية سابقة، ويحفظ عدد الإنذارات التي تلقاها الطبيب خلال ممارسة عمله نتيجة ارتكاب خطأ معين، وأضاف: «هذا يسهم في الغالبية في التسبب بوفاة الكثير من الأشخاص، وفي الوقت ذاته يترك الطبيب المخطئ يمارس عمله من دون رادع». وطالب بتخصيص محكمة مختصة للبت في قضايا الأخطاء الطبية، وعدم ترك الأمر من دون تقييد ضمن آليات محددة، حتى يحد ذلك من «الانفلات الواضح داخل اللجان الشرعية» انتهى. الأسئلة تتقافز أمامي مثل الكناغر الأسترالية، لماذا لا تؤرشف قضايا بمثل هذه الأهمية؟ ما الذي يؤرشف في وزارة الصحة إذاً؟ وهل لتداخل الطب مع الإدارة علاقة بعدم بناء سجل حيوي مثل ذاك؟ السؤال من باب حسن الظن.. وعلى اعتبار أن الأطباء لا علاقة لهم بالأرشفة، ومراكز المعلومات والإدارة. www.asuwayed.com twitter | @asuwayed