تراكمت القضايا السجالية والساخنة في لبنان لتفرض نفسها على جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد اليوم برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعلى جدول أعمالها الرسمي دراسة ملف الكهرباء ومشروع موازنة السنة الجارية، فيما يترقب الوسطان السياسي والرسمي ما إذا كان الرئيس سليمان سيردّ في كلمته الافتتاحية للجلسة على الانتقادات التي وجهها إليه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون، موحياً بأنه لا يقوم بدوره في حماية الدستور اللبناني. وإذ تشكل التعيينات الإدارية مصدر خلاف رئيسي بين عون وسليمان، لا سيما في رئاسة مجلس القضاء الأعلى، فإن رئيس الجمهورية استبق الجلسة فدعا في حديث الى موقع «ليبانون فايلز» الإلكتروني الى تعديلات (دستورية) تعزز صلاحياته في التعيينات بحيث تطرح الأسماء المقترحة للمناصب من الرئيس وليس الوزير المختص (كما تنص عليه الآلية الحالية لاقتراح الأسماء على مجلس الوزراء)، ليتم التصويت عليها بالأكثرية المطلقة وليس بأكثرية الثلثين كما ينص عليه الدستور. وبينما أثارت تصريحات عون التي انتقد فيها الجمعة الماضي سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدداً من الفرقاء السياسيين عاصفة من الردود، لا سيما من نواب تيار «المستقبل»، دعا سليمان «السياسيين» من دون أن يذكر عون الى «أن يعلنوا خطواتهم الإصلاحية وليس الاكتفاء بمهاجمة الآخرين». وقال سليمان إن مبدأ «السلة» الذي يطرحه عون في التعيينات «معيب ويؤثر على عامل الكفاءة». وأضيف الى الخلافات القائمة بين مكونات الحكومة، على ملفي الكهرباء والتعيينات والموازنة، خصوصاً بين وزراء عون وبين ميقاتي ووزرائه، ملف «داتا» الاتصالات (خريطة التخابر عبر الخليوي) التي يطالب فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بالحصول عليها لتحليلها، لا سيما بعد توافر معطيات عن محاولة لاغتيال شخصية أمنية أفادت المعلومات بأنها قد تكون المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أو رئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن. وكان وزير الاتصالات الذي ينتمي الى تكتل عون حجب هذه ال «داتا» عن فرع المعلومات لمدة 13 يوماً ثم عاد فأفرج عنها بناء على طلب وزير الداخلية مروان شربل بعد الأنباء عن محاولة اغتيال، إلا أنه اكتفى بإعطاء هذه ال «داتا» بدءاً من 26 الجاري وليس قبله. وفيما تحوّل هذا الأمر الى مدار سجال داخل الحكومة وخارجها ذكرت مصادر في قوى 8 آذار أنها ستطرح إعطاء «داتا» الاتصالات عبر غرفة التحكم والتعقب (التنصت) التي تضم كل الأجهزة الأمنية كي لا يحصر الأمر بفرع المعلومات إذا كان من معطيات تنشأ نتيجة تحليل هذه ال «داتا». إلا أن مصادر حكومية أبلغت «الحياة» أن غرفة التحكم معنية بالتنصت بعد الحصول على إذن النيابة العامة، بينما تحليل ال «داتا» ليس تنصتاً أو تعقباً للمخابرات بل يتناول خريطة التخابر، والقانون لا ينص على إناطة هذا الأمر بغرفة التحكم ولذلك وضعت له آلية منفصلة تبدأ بتقديم الطلب عبر وزير الداخلية ثم رئاسة الحكومة وصولاً الى وزارة الاتصالات. وأوضحت المصادر الحكومية رداً على سؤال ل «الحياة» حول اتهام عون فرقاء في الحكومة بعرقلة تنفيذ مشروع الكهرباء الذي أقر قبل شهرين أن وزير الطاقة جبران باسيل الذي ينتمي الى تكتل عون لم يتقدم الى الآن بدفتر شروط تلزيم عملية تأهيل الكهرباء الى مجلس الوزراء بعد أن كان وعد بتسريع إنجازه قبل شهرين. ولم تستبعد المصادر أن يحصل نقاش اليوم في مجلس الوزراء حول مسألة تمويل المشروع عبر الصناديق العربية التي عرضت المساهمة بذلك بفائدة متدنية مع تسديد لآجال طويلة، فيما يرى الوزير باسيل أن التمويل من طريق هذه الصناديق سيأخذ وقتاً وفق آليات العمل فيها. وأمس دخل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خط السجالات الدائرة فتناول موقف عون من دون أن يسميه بعد أن كان تعرض لفريقه الوزاري، وللاغتيالات وسأل جنبلاط: «هل يجوز أن يؤدي الخلاف في الرأي للتعرض للشهداء من دون أي اعتبار للأخلاق ولحرمة الموت؟». وأضاف تعليقاً على هجوم عون على النائب مروان حمادة وآخرين: «أليست تلك الدماء هي التي مهدت لعودة البعض من المنفى الفخم في باريس؟». كما سأل جنبلاط: «هل معقول التهاون بتسليم داتا حول مخططات اغتيال قيادات وشخصيات لضرب استقرار لبنان في لحظة إقليمية شديدة الحساسية؟».