تنطلق اليوم المرحلة الأولى في انتخابات الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري)، على مدى يومين، في 13 محافظة مصرية هي القاهرة والإسكندرية والمنوفية والغربية والدقهلية ودمياط والفيوم وأسيوط وقنا والوادي الجديد وشمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر، وسط اعتصام المئات في ميدان التحرير مطالبين بإلغاء مجلس الشورى وتسليم المجلس العسكري الحكم إلى سلطة مدنية. ويرفض هذا المطلب جنرالات الجيش ومعهم جماعة «الإخوان المسلمين» التي حازت الأكثرية النيابية في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، ما يضع انتخابات الشورى اليوم على المحك؛ إذ إن ذهاب الملايين إلى صناديق الاقتراع سيزيد من تمسك العسكر بخريطة الطريق لتسليمهم السلطة، كما سيحرج الحركات الاحتجاجية المطالبة بتسليم فوري للسلطة. لكن إحجام الناخبين عن الاقتراع سيمثل مزيداً من الضغط على العسكر. وبدا أن المجلس العسكري وجماعة «الإخوان» يراهنان على كثافة الحضور، فسعى الجيش إلى طمأنة الناخبين كون عناصر القوات المسلحة والشرطة أحكمت قبضتها على لجان الاقتراع، فيما شدد حزب «الحرية والعدالة» الجناح السياسي ل «الإخوان المسلمين» على أن انتخابات الشورى لا تقل أهمية عن انتخابات مجلس الشعب خلال هذه المرحلة المهمة والحساسة في تاريخ مصر، داعياً الناخبين إلى الحضور بكثافة على غرار ما حصل في انتخابات مجلس الشعب. ومنح الإعلان الدستوري الذي أصدره الجيش في آذار (مارس) الماضي أهمية كبيرة لانتخابات الشورى؛ إذ إن أعضاءه سيتشاركون مع نواب مجلس الشعب في اختيار اللجنة التأسيسية التي سيخوَّل لها وضع الدستور الجديد للبلاد. وكان أعلن في وقت سابق أن مجلس الشورى سيلتئم في 28 شباط (فبراير) المقبل. ويتألف مجلس الشورى من 270 عضواً، ثلثاهم (180) بالاقتراع السري المباشر على أن يكون نصفهم من العمال والفلاحين، والثلث المتبقي (90 عضواً) يعينهم رئيس الجمهورية المنتخب وليس المجلس الأعلى للقوات المسلحة؛ حيث سبق الإعلان عن أن هذا المجلس سيعمل بالأعضاء المنتخبين دون انتظار الأعضاء المعينين. وتجرى الانتخابات اليوم في 13 محافظة، تحت إشراف قضائي كامل، لاختيار 90 نائباً؛ حيث يبلغ إجمالي عدد من لهم الحق في التصويت ما يناهز 25 مليون ناخب. وأكد مصدر عسكري مسؤول اتخاذ القوات المسلحة بالتنسيق مع الشرطة المدنية كل الاستعدادات اللازمة لتأمين عملية الاقتراع، والتي ستُجرى على مرحلتين، ابتداء من اليوم الأحد وعلى مدى يومين. وأشار المصدر ل «الحياة» إلى أن أكثر من مئتي ألف من عناصر القوات المسلحة إضافة إلى نحو 130 ألفاً من أفراد الشرطة المدنية سيتولون تأمين لجان الاقتراع وعمليات الفرز، مشدداً على أن دور عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية سيقتصر فقط على تأمين اللجان والمقار الانتخابية من الخارج، وعدم الدخول إلى اللجان إلا باستدعاء من القاضي المشرف على اللجنة فقط. وأوضح المصدر أن كثافة أعداد التأمين من القوات المسلحة والشرطة المدنية تأتي في إطار الحيلولة دون وقوع أي اشتباكات أو احتكاكات بين أنصار المرشحين، وشدد على أن التصدي للرشاوى الانتخابية وأعمال البلطجة التي يتعرض لها الناخبون أثناء توجههم إلى لجان الانتخاب سيكون من صميم مهمة قوات التأمين على اللجان من الخارج، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من إعداد صناديق الاقتراع التي روعي فيها أن تكون شفافة ل «ضمان عدم تسويد الأصوات أو تزويرها»، وكذلك الأبواب الزجاجية التي سيقترع الناخبون خلفها، بالإضافة إلى الحبر الفوسفوري الذي لا يتم زواله من اليد قبل مرور 24 ساعة، والذي تم استيراده لأول مرة من دولة الدنمارك نظراً إلى جودته وثباته في اليد طوال فترة ال 24 ساعة. وحذر المصدر من أن أي شخص سيحاول تعكير صفو العملية الانتخابية وارتكاب أعمال بلطجة أو إثارة العنف بين أنصار المرشحين، سيتم ضبطه على الفور واتخاذ كل الإجراءات القانونية حياله. وأعلن حزب «الحرية والعدالة» الذي حصل على الأكثرية في انتخابات مجلس الشعب، أنه سينافس على 87 مقعداً من إجمالي 90 في المرحلة الأولى، فيما أعلن حزب «النور» السلفي أنه دفع ب 79 مرشحاً، وينافس تحالف «الكتلة المصرية» ب 53 مرشحاً، علماً أن حزب «المصريين الأحرار» أكبر الأحزاب التي كانت تقود «الكتلة» أعلن انسحابه قبل أسابيع من الانتخابات، لتضم «الكتلة» حزبين فقط هما «المصري الديموقراطي» و «التجمع». وشدد حزب «الحرية والعدالة» أمس على أهمية انتخابات مجلس الشورى معتبراً أنها لا تقل أهمية عن انتخابات مجلس الشعب «خلال هذه المرحلة المهمة والحساسة في تاريخ مصر»، حيث يشارك أعضاء مجلس الشورى المنتخبون مع أعضاء مجلس الشعب المنتخبين في اختيار لجنة إعداد الدستور. ودعا الناخبين إلى «المشاركة والإيجابية» في الاقتراع و «إعادة تجربة انتخابات مجلس الشعب بنفس الروح والإيجابية». كما دعا الحزب المنبثق من جماعة «الإخوان المسلمين» وسائل الإعلام المختلفة إلى أن تلعب دوراً إيجابياً داعماً للعملية الانتخابية من خلال تحفيز الجماهير على المشاركة الفاعلة حتى «نستكمل طريق التحول الديموقراطي الذي سيصل بمصر وشعبها إلى بر الأمان».