طهران، بكين، نيويورك – أ ب، رويترز، أ ف ب - سخرت إيران من تشديد الغرب عقوباته عليها، معتبرة انه يحاول جرّها الى مفاوضات «مذلة، من موقع استعلاء وتكبّر»، كما اتهمت «دولاً وأوساطاً إعلامية» بالسعي الى «إحداث شرخ» في علاقاتها مع البرازيل. وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: «أميركا تقول ان الهدف من العقوبات ليس الشعب الايراني، بل المسؤولون، فيما أن نوع العقوبات يؤثر في شكل مباشر على الناس، ولا يضرّ بالمسؤولين». وأضاف في اشارة الى الغرب: «يقولون: نفرض عقوبات لأن ايران لا تتفاوض، فيما أنهم يفرضون العقوبات عشية المفاوضات، ويبحثون عن ذريعة لعدم التفاوض». وزاد خلال افتتاحه 14 مشروعاً في كرمان جنوب شرقي البلاد: «ما يحتاجه الشعب الايراني، سيستخرجه من قلب هذا التراب، والتاريخ يثبت أن هذا الشعب سيتجاوز العقبات». وشدد على أن ايران «مستعدة دوماً للحوار، لأن الحق والمنطق الى جانبها، لكن الغرب يتهرّب ويلجأ إلى الحظر، خلافاً للقوانين والالتزامات الدولية»، مؤكداً أن «العقوبات ستضرّ بالدول الاوروبية، أكثر من إيران، لأن حجم التجارة معها يبلغ نحو 10 في المئة من إجمالي حجم التجارة الإيرانية. يمكن لطهران البحث عن شركاء آخرين». وأضاف: «كانت 90 في المئة من تعاملاتنا التجارية في مرحلة معينة مع اوروبا، لكنها الآن 10 في المئة فقط، ولا نسعى وراءها». وعلّق نجاد على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على المصرف المركزي الايراني، مخاطباً الغرب: «تفرضون حظراً على مصرفنا المركزي، لكن ما مدى تعاطيكم معه، اذ ان حجم تبادل العملات الصعبة لدينا يبلغ 200 بليون دولار سنوياً، 24 بليوناً منه فقط مع أوروبا. منذ 30 سنة والولايات المتحدة لا تشتري نفطاً ايرانياً ولا تقيم علاقات مع مصرفنا المركزي». وتطرّق الى التراجع القياسي في سعر الذهب، وصرف الريال الايراني في مقابل الدولار الأميركي، مؤكداً أن «لا مشكلة في اقتصاد البلاد التي تتمتع باستقرار اقتصادي». وقال: «أعداؤنا يضغطون طبعاً، لكن الشعب على أتم الاستعداد لمواجهة ذلك. أعداؤنا يستخدمون كل قدراتهم للضغط على ايران، ولا نتوقع منهم طبعاً التعامل بطيبة معنا». الريال تزامن ذلك مع إعلان حاكم المصرف المركزي محمود بهمني خفض قيمة الريال بنسبة 8 في المئة، وتثبيت السعر الرسمي لصرفه، الى 12260 في مقابل الدولار، بعدما كان 11300. لكن السعر يبقى أدنى بكثير من سعر السوق السوداء، والذي بلغ 22 ألفاً، ويأتي بعد يوم من تخلّي نجاد عن معارضته رفع سعر الفائدة المصرفية، إلى نحو 21 في المئة، في محاولة لكبح تراجع الريال. في غضون ذلك، اعتبر رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي أن الحظر النفطي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على ايران، «يأتي في اطار حرب نفسية لجرّها الى طاولة المفاوضات، من موقع استعلاء وتكبّر، اذ أن الغربيين لا يريدون مفاوضات حقيقية». ورأى أن «العدو قد يكون سبباً لخيرٍ، وهذه العقوبات ستؤدي الى ازدهار كفاءات الشعب والشباب، أكثر مما مضى»، محذراً الغربيين من أن «الشعب العظيم في ايران لن يخضع أبداً لمفاوضات مذلة». أما الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس الثوري»، فاعتبر أن الحظر النفطي سيؤدي الى «قطع التبعية للنظام الاقتصادي في الغرب»، وسيؤثر في الاتحاد الأوروبي أكثر من ايران. في بكين، انتقدت الخارجية الصينية العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على ايران. وقال ناطق باسمها: «ممارسة ضغوط في شكل عشوائي وفرض عقوبات على ايران، لا يشكلان نهجاً بناء». وأضاف: «الصين لطالما دعت الى تسوية الخلافات الدولية بالحوار والتشاور، وتأمل بأن يتخذ الأطراف المعنيون تدابير تشجع السلام والاستقرار الاقليميين». تزامن ذلك مع تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «لا بديل عن التسوية السلمية» للملف النووي الايراني، قائلاً: «أحضّ الأطراف على محاولة نزع فتيل التوتر. هذا الخطاب المتشدد لا يفيد». كما دعا ايران الى الامتناع عن إغلاق مضيق هرمز الحيوي لنقل النفط، قائلاً: «هذه منطقة بالغة الأهمية للتجارة الدولية. والمرور الحر لكل السفن في إعالي البحار، يجب احترامه وحمايته». ايران والبرازيل الى ذلك، اكد الناطق باسم الخارجية الايرانية رامين مهمان برست ان بلاده «تولي أهمية خاصة لعلاقاتها مع البرازيل، بوصفها أكبر دولة في أميركا اللاتينية وإحدى القوى الواعدة في العالم». يأتي ذلك بعد نقلت صحيفة «فولها دو ساو باولو» عن علي أكبر جوانفكر، أبرز مستشاري نجاد، اتهامه الرئيسة البرازيلية ديلما روسّيف ب «تدمير سنوات من العلاقات الجيدة» بين البلدين، و «هدم كلّ ما أنجزه» سلفها الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا. لكن جوانفكر أكد «تحريف» تصريحه. وأشار مهمان برست الى أن «العلاقات بين ايران والبرازيل تعود الى اكثر من 110 سنوات، وشهدت خلال السنوات الماضية تنامياً على كل الصعد، بعد زيارات متبادلة بين رئيسي البلدين»، مضيفاً: «الحوار بين البلدين يأخذ مساره العادي، ولم يحصل أي تغيير في نظرة طهران الى علاقاتها ببرازيليا». واتهم «دولاً وأوساطاً إعلامية، غير مرتاحة من العلاقات الجيدة بين ايران والبرازيل، بنشر شائعات وانتهاج سياسة الدعايات الإعلامية، لإحداث شرخ في العلاقات».