السير في مركز أم عقلاء عام 2014 لا يكاد يختلف كثيراً عن السير فيه عام 1950، فالبلدة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق الرياض بقيت محافظة على الكثير من مبانيها القديمة وبساطتها المعيشية، لدرجة يشعر معها الزائر أنه عاد إلى عقود طويلة مضت. أم عقلاء حالياً والشملول سابقاً، كانت ممراً دولياً يربط المنطقة الوسطى في ذلك الحين بالدول المطلة على الخليج العربي، إضافة إلى العراق وبلاد الشام، فيما كانت أول محطة جمركية، تتوقف عندها القوافل القادمة والعائدة، إذ كان ذلك في منتصف الأربعينات الميلادية. الشلمول استوطنها عدد من البدو الرحل بعد أن جاءت شركة «أرامكو» للتنقيب فيها لأعوام عدة عام 1941، إذ بقيت آثار التنقيب حتى يومنا هذا، في حين لم يعد للطرق الدولية التي تُعرف بها وضوح بارز كما كان في السابق، خصوصاً بعد توسع الدولة وإيجادها لعدد من الطرق الأخرى، إلا أن ثمة لوحات إرشادية تتوزع في أجزاء من البلدة كانت ترشد العابرين بالاتجاهات نحو البلدة والدول التي يمكن الوصول إليها. البلدة القريبة لمحافظة رماح وكذلك لصحراء الدهناء و«الصمّان» لم يعد فيها الكثير من الأُسر، فإجمالي المستقرين فيها لا يكادون يتجاوزون 300 نسمة، في مقابل مئات الأسر الذين يتخذونها مزاراً بين فترة وأخرى، خصوصاً أولئك الذين يملكون فيها مزارع أو استراحات، أما الخدمات في القرية فهي لا تتجاوز مدرسة ابتدائية ومتوسطة للبنين والبنات، ومكتب بريد ومركز شرطة ومحطة نفطية ومحلاً للتموينات، إضافة إلى مكتب لرئيس المركز لمتابعة شؤونها ومتطلباتها. أبرز ما يوجد حالياً في مركز أم عقلاء، عدا عن الطرق القديمة وآثار التنقيب النفطي، هو قصر الملك عبدالعزيز الذي بُني عام 1945، إذ كان يحوي عدداً من المكاتب الحكومية آنذاك، أهمها المكتب الجمركي إضافة إلى مكتب البرقيات وغيره، وقبل أعوام قليلة قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بإعادة ترميمه ليصبح مقصداً سياحياً للعابرين منه. ويوضح أحد مواليد القرية ناصر ذعذاع أبوثنين، أن للشملول عمق تاريخي يتطلب العناية من الجهات المعنية، فيما يتساءل عن أسباب ما اعتبره إهمالاً لها على رغم أهميتها التاريخية والجغرافية. ويقول في حديثه مع «الحياة»: «الشملول هو المسمّى القديم المعروف لدى شركة أرامكو خلال عملها على التنقيب فيها، أما أم عقلاء فهو الاسم الرسمي لها، وكانت بدايات هذه البلدة في الأربعينات الميلادية، حينما استقر فيها مجموعة من البدو الرحل، وبعد أن أصبح للقرية مكانة، نظراً إلى موقعها الجغرافي المميز الذي يربط المنطقة الوسطى بالخليج والشام، جاء الأمر ببناء قصر الملك عبدالعزيز فيها، فأصبح بمثابة المجمع الحكومي الذي يشمل عدداً من الجهات الأمنية، وتم ترميمه منذ فترة قريبة بعد أن خاطبت هيئة السياحة والآثار، وبعد أعوام لم يعد هناك ذلك الاهتمام بالشملول، نظراً إلى ظهور عدد من البدائل بعد التوسع المدني الذي شهدته المملكة»، فيما يرى أن الشملول يمكن توظيفها سياحياً، نظراً إلى موقعها المهم وارتباطها بعدد من الدول. فيما يبيّن الرئيس السابق لمركز أم عقلاء وأحد الذين استقروا فيها لأكثر من 50 عاماً ناصر العطني، أن البلدة كانت تضم مركزاً يتبع لوزارة المالية يتم فيه تخزين البنزين القادم من الجبيل، فيما تأتي بعض السيارات الحكومية لنقل كميات من البنزين إلى الرياض. ويضيف في حديثه مع «الحياة»: «مسمى الشملول جاء نسبة إلى فيضة غربية تحمل الاسم ذاته، أما مسمى أم عقلاء فهو لفيضة جنوبية تحمل الاسم ذاته أيضاً، وأول من أحدث هذه البلدة شركة (أرامكو) خلال عملها على تنقيب النفط، وبعد ذلك أصبحت موقعاً حيوياً يتم من خلاله نقل البضائع وكذلك المرور منه في حال الذهاب والعودة بين المنطقة الوسطى والدول المطلة على الخليج العربي، وكذلك دول الشام، إذ لم يكن هناك طريق غيره، ويتضح ذلك من اللوحات الإرشادية الباقية حتى هذا اليوم».