تنتظر قائد المنتخب البرازيلي لكرة القدم تياغو سيلفا أحد أبرز الغائبين عن الهزيمة المذلة التي مني بها منتخب بلاده أمام ألمانيا الثلثاء (1-7) الماضي في الدور نصف النهائي، مهمة صعبة لتضميد جراح زملائه وشحذ همتهم ومعنوياتهم لخوض مباراة تحديد المركز الثالث أمام هولندا اليوم (السبت) ضمن مونديال 2014. سيكون تياغو سيلفا واحداً من عدد قليل من البرازيليين إذ سيخرج كبيراً من كارثة المونديال المقام على أرض البرازيل، ففي الأوقات الصعبة يعرف القادة الكبار، ويسهل القول إن «السيليساو» في أزمة. غاب سيلفا عن مباراة الدور نصف النهائي أمام ألمانيا بسبب الإيقاف لتلقيه البطاقة الصفراء الثانية ضد كولومبيا في ربع النهائي، بيد أنه اختار المواجهة والتضامن مع زملائه، في حال كان يفضل لاعبون آخرون الاختباء وراء هذا الغياب للتنصل من المسؤولية عن الهزيمة. فمنذ الصافرة النهائية على ملعب مينيراو في بيلو هوريزونتي الذي كان مسرحاً للهزيمة المدوية، نزل إلى أرضية الملعب ليواسي زملاءه، حضن لفترة طويلة مهاجم تشلسي الإنكليزي أوسكار الذي انهمر بالبكاء، كما عانق زميله الجديد في باريس سان جرمان الفرنسي ورفيقه في قطب الدفاع والذي حمل شارة القائد في غيابه دافيد لويز الذي كان ينتحب. وبعد ذلك جمع زملاءه في منتصف الملعب لتلقي صافرات الاستهجان، وشتائم وإهانات الجماهير البرازيلية. هل كان الألمان سيسجلون الهدف الأول لو كان تيغو سيلفا موجوداً؟ هل كان رفاقه سينهارون مثلما فعلوا في اللقاء لو كان هناك؟ من المستحيل معرفة الجواب. ولكن في المنطقة الخاصة للإعلاميين للقيام بأحاديث صحافية مع اللاعبين، وافق تياغو سيلفا على الإدلاء بتصريحات إلى وسائل الإعلام مستخدما كلمة «نحن»، مضمناً نفسه بين المسؤولين عن الخسارة، في وقت كان من المفترض أن يتحدث ب«هم» ليتنصل من مسؤولية الهزيمة التاريخية. وقال: «لا يجب البحث عن متهم»، مطالباً الصحافيين بعدم استهداف شخص ما. هذا التحول المثير للدهشة أكثر بالنظر إلى شخصية قائد باريس سان جرمان الفرنسي المعروف بخجله ولا يحب التحدث كثيراً أمام العموم، لكن ينظر إليه على الخصوص على أنه قائد فني وتكتيكي، وليس زعيم عصابة. وكان سيلفا المتدين جداً فقد الكثير من سمعته في الدور ثمن النهائي عندما انعزل عن زملائه ليصلي وهو يبكي قبل حصة الركلات الترجيحية، رافضاً تحمل مسؤولية التسديد، وطلب أن يكون المسدد رقم 11. وبرّر سيلفا ذلك بعد التأهل بقوله: «أنا عاطفي، وأتأثر بسرعة وهذا أمر طبيعي، والعاطفة صفة في البشر، ولكن ذلك لا يؤثر عليّ في أي وقت من الأوقات على أرضية الملعب، كل ما يقوله الناس هراء، لا يمكن أن يؤثر ذلك على الأداء، بالنسبة إلي رأيي أن ذلك ليس فقط لا يشكل مشكلة بالنسبة إلي على أرضية الملعب، بل على العكس من ذلك فهو يساعدني». ولكن رد تياغو سيلفا لم يكن مجرد كلمات فقط، بل إنه رد بالأفعال، وتحديداً في المباراة التالية أمام كولومبيا في الدور ربع النهائي عندما افتتح التسجيل، إضافة إلى تقديمه أداء دفاعياً رائعاً مع بعض التدخلات المذهلة. وقتها أظهر سيلفا شخصية القائد وروحه. يقول تياغو سيلفا إنه استقى قوته من الأوقات الصعبة، خصوصاً خلال المرض الخطير التي أصيب به خلال رحلته الاحترافية في روسيا 2005، وقتها أمضى أسابيع عدة في المستشفى، من دون أن يقدم له الأطباء الضمانات على أنه سيخرج سالماً. ويضيف: «عشت لحظات صعبة في حياتي، أصبت بداء السل، كانت حياتي في خطر». اليوم أستطيع أن أقول: «أنا بطل، داخل وخارج الملعب لدي مسؤولياتي ونضجي واحترام الجميع». ارتقاؤه إلى تشكيلة المنتخب البرازيلي لم يكن سهلاً، فقد اضطر إلى العودة إلى بلاده بعد فشل تجربته الاحترافية الأوروبية الأولى، قبل أن يفرض نفسه في صفوف ميلان الإيطالي وبعده باريس سان جرمان. يلقب تياغو سيلفا ب«الوحش»، ويعتبر بين أفضل المدافعين في العالم بسبب حسه التكتيكي وتدخلاته وبنائه للهجمات. لعب تياغو سيلفا (30 عاماً) 51 مباراة دولية حتى الآن، وسيكون أحد العناصر البارزة في التشكيلة المستقبلية للمنتخب البرازيلي بقيادة المدرب الجديد، الذي سيكون مطالباً بإعادة بناء منتخب «السيليساو» على أنقاض حطام كارثة مينيراو. إعادة البناء هذه تمر من دون شك عبر أداء جيد السبت أمام هولندا في مباراة تحديد المركز الثالث، ففي هذه المباراة المهمة جداً من المرجح أن يدفع به المدرب البرازيلي لويز فيليبي سكولاري أساسياً. القائد الذي أفلت من «التيتانيك البرازيلي»، سيكون مطالباً بلعب دور المنقذ.