طلب المغرب من الاتحاد الأوروبي إرجاء الجولة الخامسة من مفاوضات «اتفاق التبادل التجاري الشامل» إلى موعد لاحق، تجنباً، التي يمكن أن تتضرر من تحرير المبادلات التجارية بين الرباطوبروكسيل. وأفادت وزارة التجارة الخارجية المشرفة على المفاوضات التي انطلقت في نيسان (أبريل) عام 2013، بأن الحكومة المغربية «أطلقت دراسة تقنية بالتزامن مع المفاوضات التي شملت أربع جولات، لإظهار المضاعفات المحتملة ويمكن أن تطاول القطاعات المعنية بتحرير التجارة والمبادلات». وأشارت مصادر الوزارة، إلى أن نتائج الدراسة «ستحدد مصير المفاوضات ومجالات التحرير التجاري الممكنة وأجندة تنفيذها، من دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية المغربية، على رغم رغبة الرباط في الاندماج داخل المنظومة الاقتصادية الأوروبية». وكانت دراسة سابقة رجحت «نمو الاقتصاد المغربي 1.5 في المئة إضافية في حال الاندماج داخل الاقتصاد الأوروبي، فضلاً عن ارتفاع الدخل الفردي 1.9 في المئة سنوياً، وازدياد الصادرات إلى منطقة اليورو 15 في المئة». لكن الدراسة لم تأخد في الاعتبار بعض خصوصيات القطاعات الإنتاجية في المغرب، في مقدمها الزراعة والصناعة الغذائية التي يعيش عليها ثلث السكان. إذ اعتُبرت متجاوزة بحكم عدم تعرّضها للأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو، والتحولات الطارئة منذ عام 2008. وكان المغرب حصل في خريف عام 2009 على «الوضع المتقدم - المتميز»، وهي صيغة وسط بين الانضمام الكامل إلى الاتحاد الأوروبي واتفاق الشراكة المعمول به منذ عام 2000. ورأت مصادر متابعة للملف المغربي - الأوروبي أن قرار بروكسيل فرض رسوماً جديدة على الصادرات الزراعية والغذائية المغربية في الأسواق الأوروبية مطلع تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، «أغضب الرباط التي قامت بدورها بتأجيل تنفيذ اتفاق الصيد البحري الموقع نهاية العام الماضي، والذي سيسمح لنحو 130 باخرة أوروبية بالصيد في السواحل المغربية على طول 3500 كيلومتر، في مقابل مساعدة للصيادين المحليين بقيمة 40 مليون يورو سنوياً عل مدى أربع سنوات. وأوضحت ل «الحياة»، أن الصيد البحري يشكل ورقة ضغط مغربية قوية على الاتحاد الأوروبي الذي يتعرض بدوره إلى ضغوط محلية في المجال الزراعي، لتقليص ما يصفونه بالصادرات المغربية المتدنية الكلفة التي تغزو الأسواق الأوروبية في فترات الشتاء والربيع. وأكدت أن غياب التنسيق في التعامل مع المغرب بين الفرقاء الأوروبيين، يعزز موقع الرباط التي تتفاوض في شكل ثنائي وفق مصالح كل دولة وحجم المبادلات معها. وأبدت روسيا في الفترة الأخيرة رغبة في زيادة وارداتها الزراعية والصيد البحري من المغرب، في مقابل زيادة الصادرات من القمح الطري وتعاقد المغرب على شراء 300 مليون دولار من موسكو وزيادة التعاون في مجالات أخرى. كما ان 15 في المئة من صادرات المغرب الزراعية تتجه الى روسيا. وأظهرت دراسة لوزارة المال والاقتصاد، أن الأسواق الأوروبية تستقطب نحو 82 في المئة من مجموع الصادرات الزراعية والغذائية المغربية، وتمثل هذه التبعية تحديات للطرفين خلال مفاوضات التجارة الحرة الشاملة، ذلك أن بروكسيل تريد تحريراً يشمل الزراعة أيضاً إلى جانب الصناعة والخدمات، مع فرض رسوم جديدة على الواردات الغذائية المغربية. في حين ترغب الرباط في اتفاق تجاري يضع الزراعة في مقدم الاهتمامات ويحفظ لها الامتيازات السابقة من دون تعديل.