بينما تلتئم مجموعات حاملات الطائرات الأميركية في بحر العرب، يتصاعد هدير الصراع بين إيران والغرب. وإذا اندلعت حرب، ستكون حصيلة سعي الولاياتالمتحدة إلى ضمان أمنها القومي ضماناً مطلقاً. تحاول القوى الرئيسة في واشنطن تسويق وجهة نظر سخيفة وبيعها للشعب الأميركي تقول: من المجدي تحمل أعباء مالية وحتى خسارة بعض الأرواح لمواجهة الأخطار المتفاقمة على الأمن القومي الأميركي في الشرق الأوسط. ليس هذا تحليلاً عقلانياً، لكنه إيمان شبه ديني بسياسات الولاياتالمتحدة. ومع شهية مفتوحة لقضايا الأمن القومي، تصبح الولاياتالمتحدة شديدة العناية بإزالة التحديات المحتملة. وتمكنت الولاياتالمتحدة، على نحو ما، من نزع فتيل برميلَي بارود في الشرق الأوسط: العراق وأفغانستان، وساهمت في إسقاط (الزعيم الصربي السابق) سلوبودان ميلوسيفيتش ويوغوسلافيا، وتستعد الآن لمواجهة محتملة مع إيران وتبدو متجهة إلى ضربة جوية أخرى، ناجحة. استعراض كهذا للقوة المسلحة يجعل قوى كالصين وروسيا تشعر شعوراً متزايداً بالتوتر. وبرفع إحساس القوى الأخرى بفقدان الأمن، تزعزع الولاياتالمتحدة في واقع الأمر مصالحها هي. فعصابها الأمني يؤدي إلى تراكم كثير من عوامل انعدام الثقة في آليات (السياسة) العالمية وفي الولاياتالمتحدة ذاتها. وفي حال انزلق الغرب إلى حرب مع إيران، لن تكون الأضرار أقل من التهديد المحتمل لقوة إيران النووية. ولعل الولاياتالمتحدة تستخدم اللجوء إلى الحرب لحل مشكلات جيو - سياسية. لكن كثراً يخشون من أن إرادة وعقلية كهاتين ستقودان الولاياتالمتحدة عاجلاً أم آجلاً إلى صدام مع روسيا والصين. وتمارس موسكووبكين حتى الآن ضبط النفس، نسبياً، على رغم سعي حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى توسيع انتشاره الاستراتيجي في شرق أوروبا وتعزيز الولاياتالمتحدة تحالفاتها العسكرية في آسيا. لكن روسيا والصين لا تستطيعان البقاء منكفئتين إلى الأبد. وتوترت العلاقات مع الولاياتالمتحدة بالنسبة إلى الصين وروسيا، سواء بسواء. ولا تريد الدولتان إثارة الشكوك حول علاقاتهما الدافئة. لكنّ عدداً متزايداً من الناس في البلدين يدافع عن «تحالف» بين بكينوموسكو. وهما تتبنيان إجراءات ضد الولاياتالمتحدة، وقادرتان على ردع حلفائها. وإذا عزمتا على توحيد جهودهما، سيبدأ ميزان القوى في الكثير من المسائل الدولية بالتغير. الأمن المطلق ترف لا يمكن بلداً توفيره. وإذا فرضت الولاياتالمتحدة إرادتها فرضاً متغطرساً، بل ان ترغم الصين وروسيا على القيام بأعمال معينة، فإن الآليات السياسية العالمية قد تتراجع إلى فوضى ربما تنهي الذات المتضخمة لأي قوة، نهاية سيئة. * افتتاحية، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 20/1/2012، إعداد حسام عيتاني