أجمع السياسيون اللبنانيون في تصريحاتهم أمس، على ضرورة تسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري، فيما تفاوتت هذه المواقف من زيارة سورية قبل التشكيل أو بعده. وأكد الوزير في حكومة تصريف الأعمال خالد قباني ان «ليس هناك تأخير حتى هذه اللحظة، وقد تكون هناك ضرورة للإسراع بتشكيل الحكومة، لأن ذلك يساعد في انفراج الأوضاع وترسيخ الاستقرار القائم، ولكن ليس المطلوب اطلاقاً التسرع، فالرئيس المكلف حريص على التشاور مع الجميع وعلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تستطيع ان تنهض بأعباء المرحلة المقبلة وأن تواجه التحديات بمختلف أوجهها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والرئيس المكلف يحرص كل الحرص على أن تأتي الحكومة منسجمة ومتضامنة، وهذه مسألة في منتهى الأهمية وتحت أحكام الدستور اللبناني». وشدد في تصريح الى إذاعة «صوت لبنان» على ان «الزخم لا يزال قائماً، لم يأخذ بعد الوقت الكافي لكي نقول إن تشكيل الحكومة تعثر أو أن هناك تأخيراً في تشكيلها، وفي الأيام المقبلة سيتابع الرئيس المكلف مشاوراته وبالتعاون مع رئيس الجمهورية»، مشيراً الى ان «منذ انتهاء الانتخابات النيابية طوي موضوع الثلث الضامن لأن اتفاق الدوحة بكامله استنفد كل أغراضه وبالتالي نحن في صدد مرحلة مقبلة نعود فيها الى الدستور، الى الطائف وبالتالي هذا الموضوع لم يعد مطروحاً عند أحد، والاهتمام اليوم هو في تشكيل حكومة وحدة وطنية ولا تقوم على فكرة التعطيل ولا الاستئثار أو التفرد بالحكم. هذه هي الصيغة التي يتم العمل عليها بالتعاون مع رئيس الجمهورية بما يعطي لهذه الحكومة زخماً كبيراً وتقوم على أساس حكومة متضامنة ومنسجمة، لكي تستطيع ان تتحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة». ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا ان «ما حصل في الأسبوع الماضي، كان محاولة إيحاء بأن الحكومة اللبنانية تشكل خارج لبنان، وانتظر الرئيس المكلف ان تؤدي المشاورات العربية والدولية الى تسهيل مهمته لا الى عرقلتها». وقال في حديث تلفزيوني: «ان طموحنا إرساء علاقات جيدة مع سورية بناء على أسس واضحة، وبين دولتين، بعد معالجة ملفات عالقة كانت طاولة الحوار الأولى أقرتها بالإجماع. ولكننا لن نقع في الفخ السوري ولن نسمح لأحد بالتدخل في أمر تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان». وأشار الى ان «لا مانع لدى أحد من أن يزور رئيس الحكومة اللبنانية سورية، ولكن بعد التشكيل ونيل الثقة وعندما يصبح رئيس حكومة كل لبنان». وشدد على ان الثلث المعطل «لا يمكن أن يؤدي سوى الى تعطيل آلية الحكم في لبنان». وقال «إن القوات اللبنانية توافق على أي لقاء يتم بين الأفرقاء اللبنانيين، وإن الإكثار من هذه اللقاءات هو عمل إيجابي ومفيد من قبل أي طرف، وخصوصاً رئيس الحكومة المكلف»، لافتاً الى ان «هناك مساعي مستمرة من قبل بعض قوى 8 آذار وكلام عن خلافات بين قوى 14 آذار، وهي أقرب الى الخيال». وشدد على «أن لا أحد يستطيع ان يحكم لبنان بقوة السلاح، وسنظل نسعى الى التفاهم ما دامت هناك إمكانية لحصوله، بما يؤدي الى ان يكون السلاح غير الشرعي تحت إمرة الدولة ومؤسساتها الشرعية». وفي موضوع مشاركة «القوات» في الحكومة، اعتبر زهرا «انها موضع تشاور مع حلفائنا، وليست مادة للتداول في الإعلام». في المقابل، رأى رئيس «حزب التضامن» النائب اميل رحمة بعد زيارته رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان «مصلحة لبنان أن تأتي زيارة الحريري لدمشق بعد التكليف وقبل التأليف. إذا كانت مهمة فلتحصل اليوم قبل الغد، وإذا كانت بعد التأليف فلتحصل بعده مباشرة وليس بعد أيام. وإذا لم تحصل الزيارة بعد التكليف فيجب أن تحصل بعد التشكيل لأنها أن تأتي متأخرة أفضل من ألا تأتي أبداً، لأن لبنان في حاجة الى علاقة بين الحكمين: الحكم في سورية والحكم في لبنان، وكل كلام آخر هو كلام لربح آني مجاني لا يفيد لبنان ولا ينقذه». وأشار الى ما يتردد عن بداية عرقلة وتأخير في تشكيل الحكومة، فاعتبر ان تشكيل الحكومات في لبنان يتطلب أسبوعين أو ثلاثة «ونحن لا نزال في فترة لا العقد ولا التأخير، وهناك عودة الى العمل بين القيادات اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين للخروج بتشكيلة مفيدة يقبل بها الجميع وتبنى على قاعدة الشراكة الوطنية الحقيقية، وأي شراكة غير وطنية وغير حقيقية لن ترضينا». ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية علي خريس «ان المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة تستدعي المزيد من الوحدة ورص الصفوف وتوحيد المواقف بين جميع الأقطار العربية»، مستغرباً «استمرار البعض في الداخل اللبناني بالتصويب على المبادرات والفرص التي يجب أن يستفيد منها لبنان، فيما العدو الإسرائيلي مستمر في تصعيد مواقفه ويعمل بجهد على فرض عملية توطين الفلسطينيين في أماكن الشتات». وأشاد ب «مواقف بعض قوى 14 آذار لا سيما موقف رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط»، وأمل ب «ألا تنعكس الانقسامات الطائفية والمذهبية على تشكيل الحكومة التي ينتظرها العديد من الاستحقاقات الاجتماعية والمعيشية والوطنية» ، مؤكداً ان «قوى المعارضة ستسهل الأجواء والمناخات للتعجيل في تشكيل الحكومة على أساس الوحدة والشراكة الحقيقية». ووصف عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية حسن فضل الله، في حديث الى إذاعة «صوت لبنان»، المرحلة بانها مرحلة «انتظار داخلي لما ستؤول إليه المشاورات والاتصالات الجارية على صعد كثيرة، وانتظار لخطوات الرئيس المكلف في اتجاه القوى السياسية لبت الصيغ المطروحة لتشكيل حكومة». وأكد ان المعارضة «أبدت حرصها على الإسراع في التشكيل، وعدم إضاعة الوقت والاستفادة من المناخ الإيجابي ومن المصالحات ومن التقارب العربي - العربي وحال التهدئة الداخلية لتكون الانطلاقة الحكومية قادرة على مواجهة متطلبات المرحلة والتحديات السياسية وتزايد الأعباء الاقتصادية والاجتماعية». واعتبر ان اللقاء بين الحريري والأمين العام ل «حزب الله» أمر مفتوح «لكن ذلك مرتبط بالرئيس المكلف وبالخطوات التي سيقوم بها، ويمكن أن يحصل اللقاء لمزيد من التشاور والنقاش لكن لم يحدد شيء حتى الآن». وقال: «لدينا رغبة جادة في أن نتمكن جميعاً مع الرئيس المكلف من تشكيل حكومة شراكة وطنية يتوافق حولها اللبنانيون وتجمع قواهم السياسية على قاعدة فتح صفحة جديدة عنوانها الوحدة الوطنية، والتوافق، والشراكة، والسلم الأهلي، والنهوض يداً بيد ببلدنا، نحن لا نزال نحاول أن نبث روح التعاون وأن نتعاطى بإيجابية مع المرحلة وفضلنا عدم الدخول في نقاش وسجال حول الصيغ المتداولة حرصاً منا على تسهيل مهمة الرئيس المكلف». ولفت الى «ان الموضوع ليس تجاوز الثلث المعطل أو عدم تجاوزه، لا نريد الدخول في هذا النقاش على المستوى الإعلامي لأن الهدف ليس تسجيل مواقف وإظهار الأمور كأن هناك شروطاً متبادلة، ما يهمنا الوصول الى صيغة حكومية نتوافق عليها، صيغة قائمة على شراكة وطنية وحقيقية، صيغة عنوانها فتح صفحة جديدة في العلاقة بين القوى السياسية ومبادلة الانفتاح بالانفتاح، وتكريس المصالحات وجو التهدئة لأن هناك أعباء كبيرة تنتظرنا في المستقبل». أما مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق فقال ان لبنان «اليوم على أبواب مسارات إيجابية جديدة، وهناك جهد عربي من اجل مساعدته»، معتبراً «أن نجاح أي جهد عربي مرهون بنجاح التوافق في لبنان»، مشيراً الى «أن أقصر وأضمن الطرق لتشكيل الحكومة هو التوافق في لبنان أولاً وأن أقوى المعادلات في لبنان هي معادلة التوافق اللبناني - اللبناني»، لافتاً الى «أن هناك أطرافاً وقوى في 14 آذار متضررة من مسار التوافق اللبناني، وهي تحاول اليوم يائسة أن تستدرج المعارضة في سجالات إعلامية وسياسية في محاولة لحجب الأنظار عن حقيقة المشكلة المستجدة بين أطراف وقوى داخل 14 آذار». وإذ أكد قاووق «ان خطاب - رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين - نتانياهو وضع المنطقة على طريق الحرب مجدداً»، اعتبر «أن المنطقة باتت في حاجة أكثر فأكثر الى ان تتمسك باستراتيجية المقاومة لأن النظام الرسمي العربي اتخذ قراره الاستراتيجي بمسار التطبيع، وليس هناك أي أفق لمبادرة السلام العربية وانما لمزيد من حصار القضية الفلسطينية»، مؤكداً «أن لبنان لا يزال الأقوى والأكثر منعة أمام إسرائيل ليس بفضل القرارات الدولية والمعادلات الإقليمية، وانما نتيجة نجاح تجربة المقاومة في التحرير والدفاع».