فيما كان الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه يقبعون في قفص الاتهام، أمس، لاستكمال سماع المحكمة مرافعات الدفاع عنهم، كان مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) يعقد أول جلسة له بعد ثورة «25 يناير» بعدما تبدّلت الوجوه وغابت أسماء طالما رسّخت وجودها تحت القبة. وفقد المجلس العسكري سلطاته التشريعية أمس بانعقاد البرلمان الذي سعى رئيسه المنتخب القيادي في حزب «الحرية والعدالة» (الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين») الدكتور محمد سعد الكتاتني إلى طمأنة مختلف الأطراف، فأعلن بعد اعتلائه منصة البرلمان أن «الثورة مستمرة» وأن المجلس الجديد «لن يخون دماء الشهداء أبداً». لكنه في الوقت نفسه شكر الجيش والمجلس العسكري على «الوفاء بتعهداتهم في إنجاز انتخابات يشهد بها العالم». وطمأن الكتاتني مختلف القوى السياسية إلى أن الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور ستأتي «معبّرة عن كل الأطياف». وكان الكتاتني انتخب رئيساً للبرلمان بحصوله على 399 صوتاً، فيما نال منافسه القيادي في حزب «الوسط» عصام سلطان 87 صوتاً، واختير القيادي في حزب «الوفد» محمد عبدالعليم داوود وكيلاً عن العمال، والقيادي في حزب «النور السلفي أشرف ثابت وكيلاً عن الفئات. ولأن الخبرة غابت عن غالبية النواب في البرلمان الجديد شهدت إجراءات انتخاب الرئيس مشادات حادة بين نوابه، فما أن شرع رئيس السن الدكتور محمود السقا في بدء الاقتراع حتى تفجر الموقف بعد مطالبة سلطان بمنح كل مرشح دقيقتين لتعريف نفسه للنواب، وهو ما رفضه نواب «الحرية والعدالة» ورئيس الجلسة على اعتبار أن لا نص في اللائحة بهذا الخصوص. وظهر «الطابع الإسلامي» للبرلمان جلياً في أولى جلساته، سواء في المظهر أو الهوى، إذ انتشر النواب طليقو اللحى في جنبات القاعة، كما أحدث بعضهم جدلاً بأن رفضوا الالتزام بنص اليمين الدستورية، وهو «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سلامة الوطن والنظام الجمهوري وأن أرعى مصالح الشعب وأن أحترم الدستور والقانون» وزادوا عليه عبارة «بما لا يخالف شرع الله». كما حرص نواب إسلاميون على قراءة القسم وهم ممسكون بالمصحف، لكن بدا لافتاً التزام نواب «الحرية والعدالة» بنص اليمين الدستورية والقواعد المنظمة لسير الجلسة، فيما خالف ليبراليون نص اليمين الدستورية، بأن أضافوا عليها عبارات مثل «والحفاظ على دماء الشهداء وأهداف الثورة». ويترقب الشارع المصري ما ستؤول إليه تظاهرات الغد في ذكرى الثورة في ظل دعوات إلى الاحتشاد والاعتصام في مختلف الميادين لحين تسليم العسكر السلطة لرئيس البرلمان، ووُضِعت خطوط سير للتحرك في ذلك اليوم، فيما أُطلقت دعوات ل «جمعة غضب» جديدة يوم 27 كانون الثاني (يناير) الجاري في حال أصر المجلس العسكري على عدم تسليم السلطة فوراً.