تستضيف كبرى قاعات المعهد الفرنسي للثقافة والتعاون في الإسكندرية، معرض المصور الفرنسي أندريه بال «صور مجردة لعمليات التنقيب – تصوير غير المرئي»، ويستمر حتى نهاية الشهر الجاري. ينقسم المعرض قسمين: الأول لصور فوتوغرافية التقطها بال لمنطقة «كوم الشقافة» خلال عمله مع عالمة الآثار الشهيرة ماري شومان التي عملت في مدينة الإسكندرية عام 1996 وسجلت اكتشافات أثرية مهمة تاركة ثروة هائلة من الصور لعمليات التنقيب في «كوم الشقافة»، قبل أن تنتقل إلى اليونان لدرس أوجه المقارنة الأثرية بين الإسكندرية واليونان، أما الجزء الثاني فمخصص لصور «غير المرئي» في أثناء التنقيب. ويقدم المعرض معياراً جديداً، يمزج بين الاتجاه الفني في علم البصريات، واللوحة التشكيلية ومعايير اتزانها. ويدعو المتلقي إلى التفاعل بقوة مع اللوحة وما تبثه من مضامين ومعانٍ غامضة تنقله إلى فضاء واسع الخيال. إذ استطاع بال أن يجعل من كتل مجردة أدوات لتطوير إحساس التصوّر عند المتلقي وكأنه يمضي ساعات طويلة ويقطع مسافات بلا جهد. اكتشف بال أنه، أثناء تصويره عمليات التنقيب، توالدت لديه صور رائعة يمكن توظيفها باستخدام نوع معين من الإضاءة وتكثيف الظلّ، ليخرج التكوين عن معناه الأصلي فيتخذ بُعداً آخر تتلاقح من خلاله الرموز التشكيلية، فيظهر تكوين مدهش لأشياء قد تُرى كواكب أو مجرات كونية أو عوالم غير معروفة. يقول بال: «عملي كمصور وعشقي البالغ لعلم الآثار، خصوصاً المصرية، أدخلاني عالماً غير مرئي أو متوقع... هو عالم خيالي فيه كائنات غرائبية وتكوينات متزنة تشكيلياً في شكل مدهش، ما وضعني في صلب تجربة جديدة من اللوحات الفنية والتكوينات المجردة قادتني إلى اكتشاف دلالات الصورة، وهو ما أردت تقاسمه مع الجمهور». وافترض بال نظاماً تركيبياً عمودياً في غالبية اللوحات، اختزل فيه علامات هندسية ذات دلالات رمزية. إذ استخدم الدوائر الكبيرة والصغيرة والمثلث الصغير غير المكتمل، والأجزاء الزخرفية ذات الألوان السماوية الداكنة التي ولّفت أساساً الأشكال المهيمنة على سطح اللوحات، ما ولّد توازناً بصرياً مريحاً بين المساحات الخالية والكتل الملونة، وأوحى بفضاءات كونية ونجوم متوهجة وبقع هائلة حارة وباردة، كأنها نواة الكون. ومن الصور اللافتة واحدة ذات شكل بيضوي منقّط، ويشير اللونان الأصفر والأحمر فيها إلى المناطق الحارة واللونان الأزرق والفيروزي إلى المناطق الباردة، حيث تتحرك الخطوط بصرياً بمنتهى الحرية والجرأة. أندريه بال مصور فرنسي شهير، يعمل لدى وكالات صحافية فرنسية عدة، وأقام الكثير من المعارض في أوروبا، كما قدّم في مصر خمسة معارض، أهمها معرضه عن بحيرة البرلس المصرية التي تعدّ كنزاً من الصور الطبيعية قلّما تنبه له المصورون، وفق تعبيره. وحاز بال جوائز عالمية في التصوير الفوتوغرافي في فرنسا ودول أخرى أوروبية.