تونس - أ ف ب - تستأنف غداً في تونس محاكمة مسؤولي قناة «نسمة» الخاصة، على خلفية عرض الفيلم الإيراني - الفرنسي «برسيبوليس» الذي أثار جدالاً وأعقبته أعمال عنف في تشرين الأول (أكتوبر) 2011 لتضمنه لقطات اعتبرت تجسيداً للذات الإلهية. وبعد شهرين من جلسة أولى سادتها الفوضى، يمثل مدير القناة نبيل القروي أمام المحكمة الابتدائية في تونس. وهو ملاحق بتهم «المشاركة في النيل من الشعائر الدينية» و «عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدة». كما يلاحق مع القروي مسؤول آخر في القناة والمسؤول عن ترجمة الفيلم إلى اللهجة التونسية. وقال القروي: «طبعي مكافح وسندافع عن انفسنا ونأمل أن يتم الإفراج عنا». وأضاف: «ما كان لهذه المحاكمة أن تحصل، لكنها ستكون اختباراً لحرية التعبير والديموقراطية في تونس». وعرض الفيلم في السابع من تشرين الاول (أكتوبر) الماضي في خضم حملة انتخاب المجلس التأسيسي، وأثار موجة غضب وعنف وذلك قبل أسبوعين من الاقتراع في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011. والسبب لقطة تجسد الذات الإلهية ولكن أيضاً ترجمة «فجة» للحوار إلى اللهجة التونسية. وحاولت مجموعات سلفية متطرفة في التاسع من تشرين الاول (أكتوبر) الماضي مهاجمة مقر القناة في العاصمة. وقدم القروي حينها «اعتذاره» عن بث اللقطة المثيرة للجدال لكن التظاهرات التي قادها سلفيون استمرت. وفي 14 تشرين الاول (أكتوبر) ألقى مهاجمون زجاجات حارقة على منزل القروي لكنه لم يكن وأسرته في المنزل. وفي خضم الحملة الانتخابية، اتهمت قناة نسمة ب «الاستفزاز» ونددت غالبية الأحزاب السياسية بما فيها «حزب النهضة» الإسلامي بالعنف. وقال القروي: «لا أحد شاهد الفيلم. لقد بلغت نسبة مشاهدته ما بين 1.5 و2 في المئة، ويريدون إيهامنا بأن تونس بأسرها صدمت»، مندداً بما قال انه «مناورات متطرفين». ويدافع الكثير من المحامين بينهم الناشطة الحقوقية راضية النصراوي عن القناة خلال محاكمة غد التي يحضرها ممثلون عن منظمات غير حكومية دولية. وفي المقابل، يتكون الطرف المدني الذي رفع الدعوى على القناة من 35 محامياً يطالبون بإدانة «على الأقل لجهة المبدأ»، بحسب المحامي انور اولاد علي عضو الجمعية التونسية للمحامين الشبان. وقال اولاد علي: «لكل الحرية في التعبير عن معتقداته، لكن لا يجب التعرض للمعتقدات الدينية، لقد شكل عرض هذا الفيلم صدمة للمجتمع التونسي المسلم بنسبة تفوق 99 في المئة». وأضاف: «لقد تجاوزت نسمة الحدود. وتلقينا احتجاجات من مواطنين بسطاء قالوا لنا إن هذه القناة لا تجل الله»، مشيراً إلى عريضة تضم نحو مئة ألف توقيع. ورداً على سؤال لماذا لم يثر الفيلم ذاته حين عرض في قاعات السينما ادنى احتجاج، قال المحامي اولاد علي ان بثه عبر التلفزيون وباللهجة التونسية جعله يصل الى جمهور اوسع بكثير. وكان تم رفع القضية على القناة بعد أيام من بث الفيلم، من قبل مجموعة من أكثر من مئة محام انضم إليهم لاحقاً مواطنون وجمعيات. وقال مصدر قضائي ان الحكم يمكن ان يحال على التداول، مشيراً الى «وضع دقيق» في تونس تتصاعد فيه ضغوط سلفية في مناخ اجتماعي متوتر، بحسب رأيه.