أكد وزير العدل الدكتور محمد العيسى، أن الجريمة الإرهابية في المملكة في انحسار بفعل البرامج التوعوية التي تصدت للفكر الوافد على مفاهيمنا الإسلامية، وبفعل الملاحقة الأمنية، ولا سيما الضربات الاستباقية التي مني بها الإرهاب، فضلاً عن وجود قضاء قوي ومحايد لمقاضاة المتهمين في تلك القضايا. وقال العيسى خلال لقائه في واشنطن بوزير العدل الأميركي إيريك هولدر، وكبار المسؤولين بوزارة العدل الأميركية، ومديرة منظمة مكافحة الجريمة المنظمة الدكتورة إيرنهارتنس: «إن قضاء المملكة يحمي الحقوق والحريات المشروعة، وإننا يجب أن نفرق بين الحرية والفوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام للدولة»، مضيفاً أن «النظريات الحديثة تقول إن الحرية والمسؤولية توأمان متى فُصلا عن بعضهما ماتا جميعاً». وعن التبرعات وتمويل الإرهاب، قال: «إن الدولة اتخذت إجراءات صارمة وقوية في هذا المجال، تمثلت في تشريعات وأدوات تنفيذية قوية وفاعلة، فضلاً عن تقديم كل متهم بهذه الجرائم للعدالة». وقدم وزير العدل خلال هذه اللقاءات شرحاً موجزاً عن نظام العدالة في المملكة، والإجراءات المتبعة في المحاكمات. مبيناً أنها تتم من خلال قضاء محايد في محاكم مدنية ضمن منظومة القضاء الطبيعي الذي يمثل إحدى أهم الضمانات الدستورية المشمولة بأحكام أهم الوثائق الدستورية للدولة، في إطار المقاصد العادلة لمصدر هذه الوثائق، وهو النص الدستوري المتمثل في أحكام النص الإسلامي. إذ يتم اختيار الاتجاه الراجح لمفاهيم النص عند تعددها. وأوضح وزير العدل الدكتور العيسى أن هذا التعدد يعني الإثراء في الاجتهاد من خلال السعة والشمول التي تمثل بعداً زمنياً ومكانياً للمادة الفقهية، ما جعل من هذا النص الذي يتصف بالقدسية والاحترام لدى أفراد الشعب السعودي كافة قادراً على المرونة والتكيف مع مختلف الأزمنة والأمكنة، على امتداد تاريخه الطويل، مثبتاً قدرته وفاعليته في التعامل مع مختلف الوقائع والحالات. وأبان أن هذه القدسية تجعل من التقيد به واجباً يتعاطى معه الناس من صميم وجدانهم بتفاعل روحي قبل أي ضغط مادي، وهو ما يقلل في شكل كبير ولافت من خيار اللجوء لأي أداة من أدوات حمل الناس عليه. وأفاد خلال هذه اللقاءات أن المملكة وهي تقوم على منهج إسلامي واضح، بحسب مفاهيمه الوسطية المعتدلة والمتسامحة والمتعايشة مع الآخرين، إنما تختار عن قناعة هذا المنهج الذي يمثل مرتكز التأسيس لكيان المملكة. وقال: «إنه بالقراءة التاريخية له نلحظ أنه على مدى تاريخ الدولة السعودية الحديثة الذي امتد لحوالى أكثر من مئة عام لم يحصل مطلقاً أن نسبت لهذا المنهج أية مفاهيم تخالف منهج الوسطية والاعتدال، ما يدل على أن التطرف الذي طرأ أخيراً وافد علينا». وحول كثرة التوجهات والمسميات الإسلامية المتفرعة عن المسمى العام للإسلام، وتعدد الاتجاهات الفكرية والاصطفافية، واتهام بعضها البعض بالتطرف، قال وزير العدل: «إن المملكة تتبع المنهج الإسلامي المعتدل، ولا تتبع الشعارات ولا المصطلحات ولا الأسماء المحدثة ومظلتنا الإسلام، وقد أمرنا الخالق جل وعلا بأن نتبع هذا الدين بهذا الاسم وهو الإسلام، ولم يأمرنا باتباع أي شعار آخر تحت أي اسم أو مصطلح، لكن نقول بأن اتباعنا للمنهج الإسلامي مشمول بقيم الوسطية والاعتدال، التي تعايشنا بها مع العالم بأسره، وبنينا من خلالها علاقات أخوة وصداقات». وأضاف، «يجب أن نفرق بدقة في كثير من الأمور، فالأوصاف الإيجابية التي تشرح المنهج وتوضحه تضيف للمعنى والمحتوى، لكن يصعب أن يؤخذ منها شعار أو اسم أو مصطلح، وهذه الشعارات مع الأسف كثيرة وتزداد يوماً بعد يوم، لكنها لا تؤثر علينا في المملكة مطلقاً، فمنهجنا اليوم هو منهجنا بالأمس، في سياق دولتنا الحديثة التي أسسها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قبل أكثر من مئة عام ولم يتغير شيء». وأكد أن الدين الإسلامي دين سلم وسلام وتعايش مع الثقافات والحضارات والأديان ومشهد المجتمع الإسلامي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم شاهد على ذلك، مبيناً أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار الثقافات والحضارات والأديان يرسّخ هذا المعنى الإسلامي العظيم، ولا يدعو للحوار إلا الأقوياء الواثقون من سلامة فكرهم ومنهجهم». الجبير: الرياض وظّفت علاقاتها بواشنطن لخدمة شعبها