آخر ما توصّل إليه خبراء كرة القدم في العالم أنّها «لعبة سهلة جدّاً، يتنافس فيها اثنان وعشرون لاعباً، مدّة تسعين دقيقة وتنتهي دائماً بفائز واحد هو.. برشلونة»، تلك هي النتيجة التي تأكّدت للعالم بعد أن أصبح مستحيلاً نجاح ريال مدريد في الفوز بالكلاسيكو أمام جمهوره، وهو الذي يمنّي النفس بذلك منذ سنوات، واستثمر من أجل بلوغ هذا الهدف ما يربو على 500 مليون يورو، دون أن يكسر «النحس الهندي» كما يقولون. إن إصرار النادي الملكي على الإطاحة ببرشلونة لم يعد مسألة رهان داخليّ في بيت الريال أو مدريد أو إسبانيا، بل دخلت على الخط قوى كرويّة أخرى لا ترى فريقاً آخر غير الريال بما يمتلكه من لاعبين مصنفين في درجة الامتياز، ومدرب في رصيده ألقاب كثيرة، وإدارة لا تسمع عن الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها إسبانيا شيئاً.. غير أنّ العقدة تزداد مع كلّ كلاسيكو، فيخرج البارشا تحت التصفيق، ويخرج الريال تحت التصفير، ويستمر المسلسل الإسباني الذي تحوّل إلى كابوس في البيرنابيو. هناك إجماع على أنّ الريال بدأ يفقد روحه، بما يتّسم به من ندّيّة وتنافس كبير، منذ أن استقدم البرتغالي مورينيو، واتباعه أسلوب العناد ولو في الفشل، والمكابرة ولو في العجز، وهو ما جعل الرئيس السابق للريال يحذّر من سقوط النادي الملكي في قبضة الرباعي البرتغالي (مورينيو، بيبي، كونتراو، رونالدو)، فالمدرب دخل مساحة الإدارة، وصار قادراً على فرض شروطه من دون أن يجد من يلجمه (..)، وأمّا بيبي وكونتراو فهما مضرب المثل في العنف المتعمّد على خصومهم، وبدرجة أخص عندما يتعلّق الأمر بنجوم البارشا، إذ شاهد العالم باستياء بالغ، التصرّف غير الرياضي لبيبي عند دوسه يد ميسي، وتبعه كونتراو الذي شدّ على رأس النجم الأرجنتيني بطريقة لا تفسّر إلا باحتقان حقد وغيرة. أما رونالدو فإنّ الأصوات تتعالى في معسكر الريال مطالبة التخلّص منه في أقرب وقت، ولو كان هدّافاً تاريخياً للفريق، فتصرفاته لا تنسجم وموقع الريال في سلّم الكرة العالمية.. وأوّل المطالبين بذلك دي ستيفانو الذي أيّد سخط الجمهور عليه. وربّما تكون الدوافع التي زعزعت ثقة النجم البرتغالي في نفسه وفي جمهوره، أنّه يقارن دائماً بميسي، الذي يختلف عنه في كلّ شيء، فهو لاعب يتحلّى بصفات ابن العائلة (..)، ولا يعني هذا انتقاصاً من رونالدو، ولكنّ تناول وسائل الإعلام للاعبين متفاوت تماماً في السلوك وردود الفعل، إذ يكفي أن جامعة نايميجن الهولندية شرعت في دراسة دماغ الظاهرة ميسي، مثلما فعل العلماء قبل ستين عاماً بدماغ أينشتاين، والغريب أنّ كلاً من العالم الفيزيائي الألماني والنجم الأرجنتيني يلتقيان في أنّهما لم يكونا على وفاق مع المدرسة، فأينشتاين يتساءل كيف استطاع أن ينجح في اجتياز امتحانات آخر السنة؟ وهو الذي كان ينعت بالفاشل، بينما يشهد معلّمو ميسي أنّه كان يأتي دائماً متأخراً (..)، ولا يعرف كيف يتواصل مع محيطه. غير أنّ العالم اليوم يكاد يقول أعطني دماغ أينشتاين وأقدام ميسي لأعطيك مزيداً من التفوّق. التقيت بعض عشاق الريال مهمومين، لا يجدون تفسيراً للخيبات المتواصلة أمام برشلونة، فقلت لهم «الحلّ الوحيد ليفوز الريال على برشلونة، أن يشتري كلّ نجوم النادي الكاتالوني ومعهم مدربهم..». وتلك أعظم من دراسة دماغ.. ميسي. ومعذرة إن أغضبت صديقي منصور الخضيري. [email protected]