أكدت «هيئة النزاهة» العراقية، أن الإحصاءات الأخيرة أظهرت «انخفاض نسبة الرشوة بين الموظفين من 10 في المئة عام 2009 إلى 2 في المئة عام 2011». وأعلن الناطق الرسمي باسمها حسن كريم في تصريح إلى «الحياة»، أن «الهيئة رصدت 12129 حالة رشوة فقط عام 2009، سُجل أكبرها في محافظة النجف وبنسبة 13.33 في المئة، ثم ذي قار فالقادسية وبابل، واحتلت المثنى المرتبة الأخيرة في القائمة بنسبة 2 في المئة». وعلى صعيد حجم المشكلة في الوزارات، احتلت وزارة النفط المركز الأول بنسبة 6.8 في المئة، تلتها وزارة العدل ثم مؤسسة الشهداء والتربية، فيما حلّت وزارة النقل في المرتبة الأخيرة. وأكد كريم أن الهيئة «تتابع كل تفاصيل ظاهرة الرشى وتشخّص أسبابها، إذ تبيّن أن 22 في المئة من الحالات كانت بطلب من الموظف نفسه، فيما عرض مواطنون رشوة على الموظف بنسبة 6.7 في المئة لأن المعاملة غير قانونية، و34 في المئة بهدف الإسراع في إنجازها، و37 في المئة لقيام الدائرة بتأخير المعاملة وعرقلتها فضلاً عن أسباب أخرى». «عمليات خطيرة» وأوضح أن فرق النزاهة «نفذت عمليات خطيرة جداً، وتمكنت من القبض على عدد كبير من المسؤولين في الدولة، منها عملية القبض على المستشار القانوني والمستشار المالي لوزارة الدفاع وعلى مدير عام آخر برتبة لواء وضابط أمن الوزارة ومرافق رئيس أركان الجيش، وعدد كبير من الموظفين العسكريين. ووصلت قيمة الرشوة في إحدى الحالات إلى 900 مليون دينار (750 ألف دولار). كما ضُبطت ممثلة لإحدى الشركات التركية التي عرضت على محافظة النجف رشوة بقيمة 2.5 مليون دولار لتنفيذ مشروع إسكان. وأوضحت الخبيرة الاقتصادية عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي نورة البجاري، أن ظاهرة الرشوة «تعد من أوسع الظواهر وأخطرها على الاقتصاد، وتكمن خطورتها في كونها جريمة تختلف أركانها عن بقية الجرائم مثل السرقة والاختلاس، إذ ينتج عن الأخيرة متضرر يلجأ للقانون لاسترداد حقوقه، لكن في الأولى تعدّ جريمة برضى الطرفين وتحدث في الخفاء». وأوضحت أن «معظم صفقات الرشوة الكبيرة يحصل خارج البلاد، فهناك حسابات سرية وأرقام تُنقل من دولة إلى أخرى، ويصعب ملاحقة هذه القضايا خصوصاً أن عمليات الملاحقة تصعب على الجهات المعنية في الداخل». واعتبر الأكاديمي العراقي الأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد عماد العبود، أن «الطريقة الفضلى لمحاربة هذه الظاهرة تتمثل في اتباع أسلوبين يُنفذان في آن، الأول هو تحديث النظام الإداري في القطاع الحكومي وإنهاء التماس المباشر بين المواطن والموظف واستخدام الوسائل الحديثة في إنجاز المعاملات إلكترونياً، والثاني زيادة الوعي عند المواطن والموظف معاً». وأكد أن للظاهرة «تبعات على الاقتصاد والمجتمع، كالتحايل على القانون لاستملاك أراضٍ حكومية مخصصة أصلاً للزراعة أو الصناعة، أو تقديم رشوة إلى لجنة للسكوت عن أخطاء كارثية في تنفيذ مشاريع».