قلَّل أمين بغداد من أهمية الاستبيانات الدورية التي تعلنها هيئة النزاهة لقياس حجم تعاطي الرشوة في القطاع العام، إذ أشار التقرير الأخير الى ان وزارتي النفط والعدل وأمانة بغداد «أكثر الجهات تعاطياً للرشوة». لكن لجنة النزاهة في البرلمان، أكدت ان «الهيئة تركّز على قضايا الرشوة لصغار الموظفين وتهمل قضايا فساد كبيرة تورَّط بها كبار رجال الدولة». وقال أمين بغداد صابر العيساوي في تصريح الى «الحياة»، إن «نتائج الاستبيان الذي أعلنته هيئة النزاهة لن يؤثر في مسار عمل الأمانة، والمشاريع التي تقوم بها حالياً ضمن خططها الاستثمارية والعمرانية». وأكد أن «الاستبيان الذي أُغدقت عليه أموال لا بأس بها، لم يتطرق إلى مكامن الخلل او نقاط استشراء الفساد الحقيقي، فالفساد لا ينحصر بمفردة ضيقة هي الرشوة، إنه مفهوم أكبر من ذلك بكثير». وتابع أن «استطلاع آراء مراجعي بعض مديريات البلدية التابعة للأمانة امر غير مجد لتحديد مكامن الفساد»، موضحاً ان «على هيئة النزاهة اتباع نظام متطور في متابعة بؤر الفساد وكشفها وإحالة المتورطين فيها على القضاء وليس اعتماد إخباريات ممتعضين من أداء بعض الموظفين لسبب ما». وكان العيساوي قدم استقالته إثر تظاهرات في بغداد نهاية الشهر الماضي لكن رئيس الوزراء نوري المالكي رفض الاستقالة. وقال العيساوي: «هذا لا يعني ان لا وجود للرشوة في بعض الدوائر المرتبطة بالأمانة، ومن هنا أعلنت تنفيذ مشروع ال60 يوماً لتقويم أداء تلك الدوائر، ومن يثبُتْ تقاعسه وتقصيره سيعفى من منصبه، أما مشاريع الأمانة الكبيرة، فتمضي بانسيابية كما هو مخطط لها وبحسب الموازنات المرصودة لها». وأشار استبيان لهيئة النزاهة نُشر امس، الى ان حجم تعاطي الرشوة في وزارة النفط بلغ 8.34 في المئة، في حين وصل في وزارة العدل الى 5.62 في المئة، واحتلت امانة بغداد المرتبة الثالثة بنسبة 4.9 في المئة، وهي أكثر الجهات تعاطياً للرشوة في شباط (فبراير). وذكر الاستبيان أن نسبة تعاطي الرشوة في دوائر القطاع العام في محافظات ذي قار (جنوب) كان بنسبة 13.28 في المئة، والنجف 9.45 في المئة، وكركوك 8.37 في المئة، وهي أكثر دوائر القطاع العام تعاطياً للرشوة في الشهر نفسه. وأشارالى ان دائرة التقاعد في ذي قار سجلت أعلى نسبة لتعاطي الرشوة في دوائر القطاع العام، عدا إقليم كردستان. الى ذلك، أبدى المفتش العام في وزارة النفط هلال إسماعيل استغرابه تقرير النزاهة، وأكد ل «الحياة» أنه «يختزل دور وزارة النفط في مخالفات قد تحدث في بعض محطات تعبئة الوقود وما أشار اليه الاستبيان من تصنيف يجافي الحقيقة تماماً»، مشيراً الى ان الوزارة «نجحت في ضم العراق الى مبادرة الشفافية الدولية». من جهة أخرى، أكدت عضو لجنة النزاهة في البرلمان النائب عالية نصيف، في تصريح الى «الحياة»، أن «الهيئة تركز على قضايا جانبية وتهمل قضايا فساد أكبر». وأوضحت أن «هناك قضايا فساد مالي وإدراي خطيرة متورط فيها بعض كبار رجالات الدولة، بحسب معلومات وردتنا عبر هيئة النزاهة نفسها، ولعجز الأخيرة عن كشف تلك القضايا ومواجهة المتورطين، طلبنا أكثر من مرة إحالة تلك الملفات إلينا». ورفضت نصيف كشف تلك القضايا، واكتفت بالقول: «لا يمكننا إطلاق الاتهامات جزافاً ما لم نتأكد من دقة الوثائق والمعلومات التي تكشف عمليات الفساد تلك». وصنفت منظمة الشفافية العالمية العراق ثالثَ أكثر دول العالم فساداً للعام 2010. وقالت نصيف إن اللجنة البرلمانية «طالبت هيئة النزاهة بتكثيف جهودها لإبطال جريمة الفساد المستشري في معظم مؤسسات البلاد، وبألاّ تكتفي بقضايا رشوة صغار الموظفين». وكان رئيس لجنة النزاهة النائب بهاء الأعرجي، أكد في تصريحات صحافية أن اللجنة تدرس عدداً من ملفات الفساد في وزارات الدولة المختلفة، أبرزها ملف الطائرات المروحية العسكرية، وعقود الكهرباء، وعقود أجهزة كشف المتفجرات المستخدَمة في نقاط التفتيش في بغداد والمحافظات. يذكر ان استبيان «هيئة النزاهة» شمل 34033 مواطناً في 379 دائرة في بغداد والمحافظات عدا إقليم كردستان.