المربع الجديد استعرض مستقبل التطوير العمراني في معرض سيتي سكيب العالمي 2024    إطلاق مركز (Learning Hub) للتعامل مع التهديدات الصحية المعقدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    مصرع 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق بمستشفى في الهند    يدعوان جميع البلدان لتعزيز خطط العمل الوطنية    استمرار تشكل السحب الممطرة على جازان وعسير والباحة ومكة    سوق بيش الأسبوعي.. وجهة عشاق الأجواء الشعبية    مهرجان صبيا.. عروض ترفيهية فريدة في "شتاء جازان"    اكتشاف مخلوق بحري بحجم ملعبي كرة سلة    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    ميقاتي عقب لقاء لاريجاني: الأولوية لوقف عدوان إسرائيل وتطبيق «1701»    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الخرائط الذهنية    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعود الخطابات في صياغة عالم تعددي
نشر في الحياة يوم 07 - 07 - 2009

مرة جديدة يتدفق علينا سيل من الخطابات، والخطابات المتغايرة التي تريد إيصال رسائل أكثر خصوصية، تمتد إلى أهداف تروم الهيمنة والاصطفاف، وتسجيل ما هو أبعد من منافسات وصراعات النفوذ بين قوى إقليمية ودولية متعاونة في بعض المسائل، ومتعادية إزاء مسائل أخرى. كل هذا من دون أن تستطيع نقل أي قضية من القضايا والهموم التي تطرقت أو تحدثت عنها إلى الأمام ولو خطوة واحدة، باتجاه ما تعلن وأعلنت تلك الخطابات اهتمامها بمعالجته، ونقله إلى حيز تحقيق الأماني، أو معالجة طيف الأحلام والتوقعات التي حددتها وتحددها، كونها الهدف والمآل للحراك السياسي والديبلوماسي الراهن أو المقبل. وذلك من قبيل المسألة الفلسطينية ومعالجة الملف النووي الإيراني على سبيل المثال لا الحصر.
فلا خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة (4/6) ولا خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (14/6) استطاعا أن يقدما دليل عمل جدياً أو عملياً، يمكن المضي به نحو بدء توافقات ممكنة في شأن تسوية سياسية للمسألة الفلسطينية على الأقل، تنطلق منها تحققات البدء بالعلاج الموعود.
كما أن خطاب خامنئي (19/6) فشل في تقديم الوصفة الناجعة لوقف مسلسل الاحتجاجات التي تجري في الشارع الإيراني، منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية مؤخراً، والتي يبدو أنها تفتح على إرهاصات أعمال احتجاجية أوسع، ربما قادت خلال فترة قريبة أو بعيدة، إلى تفجير ثورة ثالثة شعبية هذه المرة بعد ثورتي عام 1906 وعام 1979 اللتين استنفدتا أغراضهما، حيث باتت الأمة الإيرانية أكثر احتياجاً إلى ثورة حداثة جديدة، تنسف أسس نظام الأوليغارشية الحاكم على اختلاف تمظهراته الدينية والسياسوية.
وفي خطاب (القاهرة 2) ومن على منبر جامعة الدول العربية أعاد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف والرئيس المصري حسني مبارك التأكيد على شراكة استراتيجية بينهما، ودعم الاقتراح الروسي بعقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام الحالي، وهو المؤتمر الموعود منذ لقاء أنابوليس في نهاية العام 2007، والهادف إلى دفع عملية التسوية في المنطقة وتطوير العلاقات الثنائية.
خطاب أوباما القاهري، وفي محاولته تجسيد آمال التغيير التي واكبت حملاته الانتخابية، وفي أعقاب إعلان فوزه، لم يستطع أن يجسد آليات توافقية، تستجيب آمال التغيير أو طموح حراك ديبلوماسي وسياسي باتجاه التسوية العتيدة الموعودة. على رغم أن ما أتى على ذكره أوباما يعاكس ما فات من سيادة تلك الأدلوجات التي أثارتها هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية عام 2001، وما أرهصت إليه سياسات الانقلابات الانتصارية التي أثارتها مسألة التفكك السوفياتي وإعلانها انتهاء الحرب الباردة، وبدء حرب من نوع آخر؛ الحرب ضد الإرهاب التي راق للبعض أن يسميها أو يطلق عليها حرب الحضارات أو صراع الأديان، وهي الحرب التي «تنتهي» اليوم إلى صراعات تنافسية على الهيمنة الإقليمية منها والدولية، وذلك في إطار تسابق على صياغة عالم تعددي، بعد أن تهاوى أو هكذا يبدو عالم الأحادية القطبية، قبل أن تتهاوى رموزه الدولتية والأيديولوجية في البيت الأبيض، وأروقة النظام اليميني الأميركي المحافظ، الذي جلب كارثة الأزمة المالية العالمية إلى اقتصادات العالم المختلفة.
من هنا جاء حصر الخطاب الأوبامي، بالدعوة إلى إغلاق بوابات الحروب المتناسلة، ليفتح آفاقاً واسعة لآمال تنفتح بدورها على عالم متعدد الأقطاب، بعد أن أدرك النظام الأميركي «الجديد» أن سياسات سلفه الوحدانية التي صاغها منذ انتهاء الحرب الباردة، كانت وبالاً عليه وعلى تحالفاته وشراكاته الإقليمية والدولية. إلاّ أن آمال الخطاب ووعوده شيء، وإمكانية تحققها على أرض الواقع شيء آخر. فالسنوات الطوال من السياسات المنحازة لإسرائيل وممارساتها في هذه المنطقة من العالم، كما السياسات النرجسية والأنانية من الصعب، إن لم نقل من الاستحالة الانتقال إلى نقائضها بين ليلة وضحاها، وعبر كلمات معسولة.
وكما قلنا من قبل، فإن وعود التغيير الأوبامية، وخططه الطموحة كما وردت مؤخراً سواء في لقاءاته مع زعماء المنطقة، أو في خطابه القاهري، هذه كلها تحتاج لتغييرات ربما جذرية ليس في طبيعة السياسات الأميركية فقط، بل ولتغيير مماثل في السلوك السياسي لدول المنطقة – بخاصة – للدفع بالوعود خطوات نحو تجسيدها واقعياً بإرادة، بل بإرادات مشتركة، لا تقدم لها التركيبة الحكومية الإسرائيلية، وكما بدا ذلك مؤخراً في خطاب نتانياهو في جامعة بار إيلان، أي دفع إلى الأمام، بل على العكس من ذلك، هي التي تقف عقبة كأداء أمام طموح الإدارة الأميركية، للبدء بتشغيل قطار التسوية السياسية في المنطقة، ومن ضمنها فحص إمكانية قيام أو التوصل إلى «حل الدولتين»، لا سيما أن أوباما اعتبر أن «عملية السلام» هي جزء من الأمن القومي الأميركي، أما كيف يمكن الوصول أو التوصل إلى تسوية حقيقية تتيح فعلاً اندراج العملية (عملية السلام) ضمن الأمن القومي الأميركي؟ فذلك ما يحتاج إلى كبير وقت لتحقيقه، وإلى سياسات مغايرة تماماً لتلك التي ورثتها إدارة أوباما من الإدارة السابقة.
وفي السياق يبرز تساؤل لا بد من معرفة الإجابة عنه، إذا ما أرادت واشنطن لسياستها الإيرانية أن تنجح في معركة صراعات النفوذ والهيمنة في هذه المنطقة من العالم، حيث تشكل إستراتيجية خروج آمنة من العراق، وإستراتيجية نصر على القاعدة وطالبان في أفغانستان وباكستان، أبرز مهمات القوة الأميركية العسكرية وتحالفاتها الأطلسية. ولكن ما حدود التسامح مع النظام الإيراني والمدى الذي يمكن لواشنطن وطهران أن «يقتسما» موضوعة الهيمنة الإقليمية، وبالتالي يمكن عبرها للنظام الإيراني أن يحقق طموحاته التي يشكل البرنامج النووي مجرد بند من بنودها، وهي التي تشمل ضمن بيئتها الأمنية والسياسية العراق وأفغانستان. وأين تقف حدود السماح للنظام الإيراني بالمشاركة في بناء «الشرق الأوسط الجديد» في اشتغاله على قيام نظام أمني إقليمي، من ضمنه وجود إسرائيل فيه كحليف استراتيجي كامل مع الولايات المتحدة؟.
هذه الأهداف المتعارضة - حد التناقض - تضع أوباما وإدارته وخطته ووعوده على المحك، محك استقبال وعود الخطاب، بما يتجاوز خطابات الوعود الأخرى.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.