بعد عقد من أحاديتها القطبية العسكرية والسياسية، حشدت الولاياتالمتحدة الأميركية قوتها العسكرية الساحقة والعاتية وشنت حرب إبادة جماعية وكاملة على شعب العراق الأعزل والبريء، من دون رادع أخلاقي أو إنساني أو وجودي. استعملت أسلحة كيماوية كان من نتيجتها، خصوصاً في معركة مطار بغداد، أن جرّدت لحوم أكثر من 15 ألف جندي عراقي مقاوم عن أجسادهم وأبقت على هياكلهم العظمية من دون تحطيم أو تكسير. إنه سلاح لم يعرف كنهه حتى يومنا هذا. وشردت بعدها الجيش العراقي بأكمله، وأجهزت عليه بحله بالكامل بقرار من الحاكم العسكري بول بريمر، ما أدى إلى تفكيك البنية الأمنية الكاملة في كل نواحي العراق وسبب ذلك تشريد وتقتيل وتهجير كل الشعب العراقي وأعاد البلاد إلى عصور ما قبل الحجرية. لا ماء، لا دواء، لا غذاء، لا نفط، لا كهرباء، لا أمن، لا شيء البتة. ويروج الأميركيون اليوم لإتمام انسحابهم الكامل من العراق واستعادة بلاد الرافدين سيادتها وعافيتها واستقرارها واستقلالها. كما يلهون العالم بأن أميركا هي الخاسرة وأن اقتصادها سيئ، من دون الحديث عن التدمير الكامل والهائل للعراق وشعبه حتى أصبح أطلالاً. لقد أبقى الاحتلال حفنة من مرتزقته على رأس السلطة، ناهيك بالوجود الرهيب للاستخبارات الصهيونية والشركات الأمنية التي تعد بعشرات الألوف من القتلة المرتزقة. وتدور أيضاً مسرحية الخلاف بين نوري المالكي وطارق الهامشي من أجل استقطاب واستيعاب الخلاف بينهما حتى لا يكون الفضل في دحر الاحتلال للمقاومة العراقية الحقة التي تتشكل من كل أطياف العراق، العرقية والمذهبية والقومية والدينية. للأسف، أن العراق مقبل في عام 2012 على مرحلة قاتمة وخطرة على يد المليشيات المذهبية والعرقية التي ستزرع القتل والتشريد والتهجيرعلى طول الوطن العراقي الحزين. ولكن على أميركا أن تتحمل أعباء إعادة إعمار العراق من خزينتها وأن تتوقف عن سرقة النفط العراقي وأن ترسل مجرميها، من جورج بوش الابن إلى دونالد رامسفيلد وسواهما، إلى محكمة لاهاي الدولية لمحاكمتهم على ارتكابهم مجازر ضد الإنسانية وإبادة جماعية لشعب بريء أعزل ولجيل كامل من أطفال العراق.