على عكس ما أُشيع في بعض الأوساط، لم تحمل محادثات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع المسؤولين اللبنانيين، ثم المحادثات التي أجراها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو معهم، جديداً يستدعي القلق أو الحذر. وحرص الجانبان الأممي والإقليمي على إبداء تقديرهما لأداء القيادة السياسية اللبنانية، خصوصاً في مواجهة المشكلات الكبرى، وأبرزها التطورات الجارية في سورية. وأبلغت مصادر مطلعة «الحياة» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان شرح لبان كي مون طريقة تعامل لبنان مع الأزمة السورية على مختلف المستويات، مبدياً حرصه على التوصل إلى حلول داخلية لهذه الأزمة برعاية ودعم جامعة الدول العربية، ومؤكداً أن لبنان يتعامل مع حالات اللجوء من سورية وفق الأعراف والقوانين، علماً أن عائلات سورية كثيرة نزحت إلى لبنان لتقيم لدى أقارب أو لدى أبنائها من العمال الذين يعملون في مجالات مختلفة. وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة اهتمامه بالعرض الذي قدمه سليمان ولم يُشر في أي لحظة إلى ضرورة إقامة مخيمات لاستقبال اللاجئين من سورية، وشدد في المقابل على أهمية حفظ استقرار لبنان مبدياً ثقته بقدرة المسؤولين اللبنانيين على تحقيق ذلك. ولم تخرج المحادثات مع أوغلو عن هذا السياق، علماً أن وزير الخارجية التركي، كما بان كي مون، يزوران لبنان أصلاً للمشاركة في ندوة «الأسكوا»، وهو لم ينقل تحذيرات للبنان من تطورات تؤثر عليه، بل حرص على شرح السياسة التركية تجاه سورية، والبنود التي ناقشها مع الرئيس بشار الأسد خلال زيارته إلى دمشق في آب (أغسطس) الماضي، والتي «لم يتم الالتزام بها» كما قال، وسمع أوغلو من سليمان الذي هو على اتصال مستمر مع الأسد، ضرورة مواصلة المساعي التركية في مساعدة السوريين لإيجاد حلول، واعتماد الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية ودعمها كلياً، وأكد سليمان أمام بان كي مون وأمام أوغلو، أن الشرق العربي سائر حتماً نحو الديموقراطية، لكن الدعم الدولي لهذا المسار لا يمكنه أن يتجاهل ما تقوم به إسرائيل في فلسطين، الأمر الذي يهدد بوقوع الديموقراطيات في براثن الأصوليات والتطرف. لم يفاجأ المسؤولون اللبنانيون بعدم طرح الأمين العام للأمم المتحدة موضوع المحكمة الدولية، وهم، من جانبهم لم يبادروا إلى إثارته، ووفق المصادر فإن لبنان يعرف أن قرار التمديد لهذه المحكمة هو في يد الأمين العام ومجلس الأمن الدولي، ورأيه يبقى استشارياً في ما يخص مهلة التمديد. فلو طلب سنة يمكن للأمين العام أن يرتئي مدة أطول وفق ما يقتضيه عمل المحكمة نفسها، أما تعديل البروتوكول أو طلب إلغائه فلم يطرحا حتى الآن، علماً أن القرار النهائي يبقى في يد بان كي مون كما أوضح هو نفسه في تصريحات عدة. الأوساط الرئاسية اللبنانية بدت مرتاحة لنظرة الزائرين الأممي والإقليمي إلى الأوضاع المحلية، ولدعمها استئناف الحوار بين القوى السياسية اللبنانية، وفي العشاء الذي أقامه رئيس الجمهورية للضيف الدولي، سمع الرئيس كلاماً عن استعداد لاستئناف الحوار من أحد أبرز الشخصيات المعنية به، وهو ما سيمتحن في الأيام والأسابيع المقبلة.