من يستمع إلى المغنية التونسية لطيفة وهي تشرح أو تعلق على أحوال برنامجها «يلا نغني»، يشعر بسعادة غامرة، لأنها اشترطت على محطة «أم بي سي» أن تصوره في مصر وليس في دبي، مساهمة منها في تحدي الانفلات الأمني في هذا البلد، مؤكدة أن «هوليوود الشرق» بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتستعيد دورها الفني المشرق، وبخاصة أن لطيفة تحتفظ لنفسها فيها بذكريات فنية لا يمكن وصفها أو التعبير عنها بالكلمات فقط. وإذا كان قدر المشاهدين هنا أن يقفوا مبالين أو غير مبالين تجاه تصريحات لطيفة حول ما اذا كان البرنامج محض محاكاة لبرنامج «صولا» الذي قدمته المغنية أصالة، واستضافت فيه لطيفة نفسها، فإن ما يبدو غير مفهوم هو اصرار المغنية التونسية على أن فكرة برنامجها سبقت برنامج أصالة بعامين على الأقل، قبل أن تشرع بتنفيذها، وهي استمرت في تأجيلها بحكم ارتباطاتها المهنية والفنية التي أبطأت دائماً تحقيقها على الأرض. قد لا يبدو مهماً هنا استمرار لطيفة بنفي تأثرها ببرنامج زميلتها المغنية السورية أو تأكيده، ففي النهاية سيقع المشاهد من تلقاء نفسه على كل تلك العلامات والاشارات التي تؤكد له أن البرنامج لا يتعدى كونه محاكاة. وليس في الأمر مشكلة تتطلب الإصرار على نفيها والتلاعب بالكلمات، فالتلفزيون عموماً يمكنه ان يحتمل هذا التقليد، حتى ولو كان «أعمى» في بعض جوانبه، وإلا بماذا يفسر لجوء المحطات الضخمة المقتدرة على شراء حقوق ملكية برامج بعينها وتعريبها وبثها؟ الأمثلة كثيرة، ولايمكن حصرها بمثال واحد تقف لطيفة وحيدة في محاولة تفنيده ومراوغته، وكأن في الأمر خسارة كبيرة لها لا يمكن احتمالها، أو التعويل عليها في مواصلة تصوير حلقات برنامجها واستضافة من تشاء من ضيوف، في محاولة منها استكشاف عوالمهم الداخلية، كما سبق لأصالة وجربت معها في برنامج «صولا». بالطبع يمكن تفهم أسباب لطيفة، واصرارها على تقديم خلطة من التعليلات لبرنامج تلفزيوني يلتقي ويتقاطع مع برامج كثيرة تقوم عليها المحطات التلفزيونية، وهذا أمر بسيط ولايحتاج إلى كثير عناء لفهمه وتبريره، ولكن أن تقول لطيفة إنها تحاول تحدي الانفلات الأمني في مصر بإصرارها على تصويره هناك، قد يخيِّل للسامع أن حلقات البرنامج ستصوَّر بأكملها في ميدان التحرير مثلاً، أو أمام واجهة ماسبيرو، وليس في مدينة 6 أكتوبر للإنتاج الاعلامي وفي ديكورات ضخمة تبدو للمشاهد أنها معزولة تماماً وبعيدة من أي مظاهر انفلات أمني أو رعب، وربما تقع في بلد لا يشهد أياً من هذه المظاهر المخيفة.