سيول، طوكيو، واشنطن - أ ف ب، يو بي أي - أجرت كوريا الشمالية أمس للمرة الثانية خلال أسبوع، سلسة تجارب على إطلاق صواريخ بالستية قصيرة المدى، تهدف على ما يبدو الى توجيه رسالة الى الولاياتالمتحدة في يوم العيد الوطني الأميركي. وبحسب قيادة أركان الجيش الكوري الجنوبي، فإن الصواريخ أطلقت من الساحل الشرقي لكوريا الشمالية وراوح مداها من 400 الى 500 كلم. وأطلقت كوريا الشمالية أمس سبعة صواريخ بالستية في بحر اليابان، على رغم قرارات مجلس الأمن التي تحظر على بيونغيانغ القيام بتجارب نووية أو تجارب إطلاق صواريخ. وأفادت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) أن الأمر يتعلق بصواريخ سكود أو رودونغ-1، التي قد يكون تمّ الحدّ من مداها الذي يبلغ نظرياً ما بين 1000 و1300 كلم، أطلقت من موقع غيتدايريونغ في مقاطعة غانغوون، وهو»عمل استفزازي ينتهك بوضوح قرارات مجلس الأمن 1695 و1718 و1874 التي تحظّر على كوريا الشمالية كل نشاط يتعلّق بالصواريخ». وأعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أن سيول ستتعاون في شكل وثيق مع البلدان الأخرى للتعامل مع عملية إطلاق الصواريخ الأخيرة لكوريا الشمالية. وقال مسؤول كوري جنوبي أن الجيش مستعد تماماً لمواجهة أي تهديد أو استفزاز من جانب بيونغيانغ، في جهد دفاعي مشترك مع القوات الأميركية. وأوضح أن الصواريخ التي أطلقتها كوريا الشمالية أمس، صواريخ أرض- أرض، أكثر خطورة من الأربعة السابقة لأنها طويلة المدى نسبياً ويمكن أن تطاول مساحة كوريا الجنوبية كلها. ونددت اليابان، التي تثور ثائرتها مع كل تصاعد في التوتر مع بيونغيانغ بسبب قربها الجغرافي، بما وصفته «بالعمل الاستفزازي الخطر». وقدمت طوكيو أمس احتجاجاً لدى السلطات الكورية الشمالية عبر القنوات الديبلوماسية في بكين، التي تستضيف المحادثات السداسية الهادفة الى تحويل شبه الجزيرة الكورية الى منطقة خالية من الأسلحة النووية. وجاء في مذكرة الاحتجاج أن بيونغيانغ قامت «بعمل استفزازي خطر على الصعيد الأمني تجاه البلدان المجاورة ومنها بلدنا». وتواصل الحكومة اليابانية جمع المعلومات لتحديد التوقيت الدقيق لإطلاق الصواريخ ومكان سقوطها، بالتعاون مع الولاياتالمتحدة وبلدان أخرى. وذكرت أنها ستتقصى لتحديد الغرض من التجارب الصاروخية الأخيرة. وطالبت وزارة الخارجية الأميركية كوريا الشمالية ألا «تزيد حدة التوترات»، مؤكدة أن سلسلة التجارب الصاروخية التي أجرتها بيونغيانغ الخميس الماضي وأمس «لا تسهم» في تخفيف هذه التوترات. وقال الناطق باسم الوزارة كارل داكوورث انه «يتعين على كوريا الشمالية أن تمتنع عن كل عمل يمكن أن يؤدي الى زيادة حدة التوترات، وان تركز على مفاوضات نزع القدرات النووية وعلى تطبيق التزاماتها الواردة في البيان المشترك الصادر في 19 أيلول (سبتمبر) 2005»، مؤكداً أن «هذا النوع من السلوك الكوري الشمالي لا يسهم» في تحسن الأوضاع. وكانت بيونغيانغ أطلقت الخميس الماضي أربعة صواريخ، قدّر مداها بنحو 120 كلم فقط. وعام 2006 اختارت كوريا الشمالية تاريخ عيد الاستقلال الأميركي للقيام بتجارب إطلاق صواريخ بينها صاروخ «تايبودونغ-2» (6700 كلم)، الذي يفترض انه قادر على بلوغ ولاية الاسكا، غير أنه إنفجر بُعيد إطلاقه. وقال الاستاذ كيم يونغ هيون من جامعة دونغوك في سيول «انه تحذير مقنع موجه للولايات المتحدة والمجتمع الدولي يبلغهم انه في المرة المقبلة قد يتعلق الأمر بصاروخ طويل المدى». وقال مسؤول حكومي كوري جنوبي طلب عدم كشف هويته: «ان التجارب الصاروخية التي أجريت الخميس كانت تندرج ضمن تمرين عسكري على ما يبدو، أما تجارب أمس فيبدو أنها ذات أهداف سياسية». وكانت الولاياتالمتحدة أعلنت أن كوريا الشمالية تعتزم إطلاق صاروخ طويل المدى باتجاه هاواي على الأرجح في 4 تموز (يوليو) الجاري لمناسبة العيد الوطني الأميركي. وتؤكد كوريا الشمالية، القلقة من المناورات السنوية بين كوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة، على «حقها في الدفاع عن النفس» وتقوم بتمارين عسكرية وتجارب إطلاق صواريخ بانتظام تتزامن عادة مع السعي لإظهار غضبها أو لتعزيز موقعها التفاوضي. وقال باك سونغ جو الخبير في المعهد الكوري لتحاليل الدفاع أن «اطلاق الصواريخ اليوم (أمس) يأتي ضمن تدريبات عسكرية معتادة، لكن كوريا الشمالية تريد عبر إطلاق صواريخ سكود يبلغ مداها 500 كلم, إظهار قدرتها على الردّ بوسائل عسكرية في مواجهة العقوبات الدولية». سفينة أسلحة على صعيد آخر، رجّح مصدر كوري جنوبي أن تكون سفينة الشحن الكورية الشمالية التي غيّرت مسارها بعدما ترصدتها البحرية الأميركية، محمّلة بأسلحة خفيفة وتقليدية، بما فيها بنادق وقاذفات مضادة للدبابات تعود الى الحقبة السوفياتية. ونقلت «يونهاب» أمس عن المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «معظم حمولتها (السفينة) تتألف من إمدادات عسكرية صغيرة النطاق كبنادق من طراز ‘إيه كيه 47' وقاذفات ‘آر بي جي- 7' وصواريخ مضادة للدبابات». وكانت سفينة «كانغ نام» الكورية الشمالية التي اقتربت من ميانمار، عكست مسارها بعدما رصدتها مدمرة أميركية تعمل في المنطقة بقرار مجلس الأمن معاقبة بيونغيانغ على تجربتها النووية الثانية في 25 أيار (مايو) الماضي. ويحظر مشروع القرار كوريا الشمالية من تصدير أنواع الأسلحة كلها، ويطالب الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة بتفتيش سفن كوريا الشمالية التي يشتبه في أنها تحمل بضائع محظورة في عرض البحار. وقال المصدر أمس «أن الولاياتالمتحدة ضغطت على ميانمار» لتتراجع عن تعاونها مع كوريا الشمالية في شأن سفينة «كانغ نام»، مرجحاً أن السفينة الكورية الشمالية تعود الى ديارها، لافتاً الى أن البحرية الأميركية لا تتعقب أي سفينة كورية شمالية أخرى حالياً. كما دعت موسكووبكين الى الهدوء. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن روسيا والصين اتفقتا على ضرورة أن تحجم الأطراف كلها عن أي خطوات قد تزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وطالب البلدان بالعودة الى المحادثات السداسية. وأعرب وزير التجارة والصناعة والعمل الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر عن «قلقه البالغ» حيال ردّ فعل واشنطن من قيام كوريا الشمالية بإطلاق صواريخ جديدة. وقال بن اليعازر في خطاب ألقاه في رامات غان قرب تل أبيب: «أنا قلق بشدة حيال ردّ فعل الولاياتالمتحدة على استفزازات كوريا الشمالية الوقحة».