طالب المفتي العام للسعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بضرورة توحيد الفتاوى، مشيراً إلى خطورة انتشار المفتين بغير علم في القنوات الفضائية. وأكد أن موضوع «توحيد الفتوى» دُرس لدى هيئة كبار العلماء وصدر فيه أمر سابق، «لكنه لم ينفذ بالشكل المطلوب»، مرجعاً سبب ظهور «المفتين» في وسائل الإعلام الى تحقيق الشهرة، فيما أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن توجهات الوزارة في المرحلة المقبلة ستركز على برامج نشر ثقافة الحوار، لافتاً إلى أنه سيكون هناك إعلام جديد محترم يتفاعل مع المجتمع بكل اقتدار من منطلق الشريعة الإسلامية. وأكد آل الشيخ، خلال ملتقى المدربين في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي عُقد أمس في الرياض، الدور الكبير لأئمة المساجد والمعلمين في المدارس والجامعات في نشر ثقافة الحوار ومحاربة التشدد بكل أشكاله، مشيراً إلى أن المعلمين مسؤولون عن توعيه نصف المجتمع ويتحملون مسؤولية كبيرة تجاه أبناء الوطن. وقال خلال مداخلاته مع المشاركين، إن احترام الرأي الآخر في الحوار أمر ضروري ومهم لنجاحه، مؤكداً «نحن مسلمون ومرجعنا الكتاب والسنة، لا نفرض آراءنا الشخصية في حوارنا، لسنا متشددين، فنحن دعاة حق». وأبدى المفتي العام استعداده للحوار في أي مسألة أو موضوع من أي شخص كان، داعياً من يرغب في التحاور معه بزيارته في منزله أو المسجد أو عبر الاتصال الهاتفي معه، كما رحّب بمن يرغب في التحاور مع هيئة كبار العلماء في أي موضوع يطرح للنقاش. وفي ما يتعلق بتحريم الحوار، أكد أن الحوار يكون محرماً في القضايا المسّلمة التي لا تحتاج إلى نقاش بين المسلمين، والتي يحتاج إليها غير المسلم لدعوته للدخول إلى الإسلام، وكذلك الأمر في الحوار الذي يرغب صاحبه في نشر الفكر الباطل فيكون محرماً. من جهته، أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن توجهات الوزارة في المرحلة المقبلة ستركز على برامج نشر ثقافة الحوار، لافتاً إلى أنه سيكون هناك إعلام جديد محترم يتفاعل مع المجتمع بكل اقتدار من منطلق الشريعة الإسلامية. وأكد خوجة خلال كلمته في الجلسة الأولى للملتقى، أهمية نشر ثقافة الحوار لتحقيق ثقافة التسامح والاعتدال، واحترام الرأي والرأي الآخر، مشيداً بتجربة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، موضحاً أن الوزارة تستعين بخبراء في الثقافة والإعلام والبرامج التلفزيونية «ولا سيما أن الإعلام السعودي عليه واجبات كبيرة، لأنه يعبّر عن هذه البلاد التي تحتضن الأماكن المقدسة التي تهوى إليها أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها». وأكّد خوجة ان وزارة الثقافة والإعلام ستدرس فكرة إنشاء قناة خاصة للحوار، والنظر إلى الموضوع بأهمية بالغة، والرفع بالمشروع إلى المقام السامي، لأخذ الموافقة اللازمة. وبيّن أن الفكرة في حال تنفيذها ستكون غير مسبوقة على مستوى الوطن العربي، إذ ستكون للمملكة الريادة في تحقيق هذا المشروع الفكري المهم. وكان آل الشيخ ألقى كلمة خلال تدشين ملتقى المدربين المعتمدين لدى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، التي عُقدت صباح أمس في قاعة الملك فيصل بالرياض، أشار فيها إلى دور الحوار الوطني في تحقيق التعاضد والتعاون بين أبناء المجتمع، ورأى أن المحاور لا بد له من أن يسهم في بناء مجتمعه بكل ما أتيح له من قوة فكرية وجسدية لتقوية المجتمع لا لتدميره، مؤكداً أهمية انطلاق الحوار من كتاب الله وسنة نبيه الكريم التي بينت موقف الرسل مع أممهم، ومجادلتهم لهم. وتضمنت كلمة المفتي توجيهاً بضرورة أن يكون الحوار مبنياً على ما جاء في الكتاب والسنة، وأن يكون التعاون على البر والتقوى، لافتاً إلى ضرورة أن يحمل المحاور «فكراً سليماً وقلباً مليئاً بالخير سليماً من الغل والحقد». كما تناولت كلمته مفاهيم الحوار وضوابطه، مشير إلى أن المحاور لا بد من أن يسهم في بناء مجتمعه بكل ما أتيح له من قوة فكرية وجسدية، لتقوية المجتمع لا لتدميره، «ولا بد من أن يكون هناك حب لأوطان المسلمين، والمحافظة على الوطن المسلم أمانة في عنق كل مسلم». وتابع المفتي: «حوارنا يجب أن يكون منطلقاً من ديننا وكتاب ربنا الذي بيّن فيه موقف الرسل من أممهم ومجادلتهم لهم، لرد الباطل وإظهار الحق». ويجب أن يقطع حوارنا «خط الرجعة على من يريد تمزيق الكلمة وإيجاد البلبلة بين أفراد المجتمع». وشدد على دور وسائل الإعلام «لتكون وسائل توجيه وإرشاد وإبراز للفضائل تهدف لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف، وتقضي على كل منحل، وأن يؤصِّل الحوار حب الإسلام وحب القيادة وما فيها من خير، وحب الوطن بعيداً عما تقدمه الفضائيات وبعض المنتديات من فكر منحرف، ليكون حوارنا حوار خير وبركة». ووجه نائب وزير التربية والتعليم الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز راعي الحوار، وأشار إلى مشاريع المركز وبرامجه التي انطلقت مع مسيرة المركز منذ خمس سنوات، «من أبرزها برامج التدريب على الحوار، الذي درّب أكثر من 1200 مدرب ومدربة، واستفاد من التدريب أكثر من 150 ألف مواطن ومواطنة، ومشروع الحوار الأسري، ومشروع الشراكة المجتمعية. كما تطرق إلى مشروع سفير الذي يعنى بتحقيق التواصل بين الشعوب. من جهته، ذكر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز، فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، أن يدرس فكرة إنشاء أكاديمية للحوار، تكون مهمتها التدريب على ثقافة الحوار، ونشر قيمه في المجتمع السعودي، فيما أوضح نائب الأمين العام للمركز الدكتور فهد بن سلطان السلطان، أن ملتقى المدربين يهدف إلى ترسيخ ثقافة الحوار وقيمه، التي تتمثل في التسامح والاعتدال والوسطية وتقبل الرأي الآخر.