بحلول العام 2012 تكون الشابة الفرنسية «ديان» قد أمضت عقداً من الزمن في العاصمة الرياض، قضته بعيداً عن بلدها الأم فرنسا، مستبعدة فكرة العودة إليها، على الأقل خلال العشرة أعوام المقبلة، إذ تبدو شغوفة بتفاصيل الحياة في السعوديةحتى أصبحت تشجّع أصدقاءها وصديقاتها من السعوديين على قضاء إجازة نهاية الأسبوع في «البر» أو «لوديزيغ» كما تطلق عليه باللغة الفرنسية، خصوصاً أن «الخروج إلى الصحراء» إحدى الهوايات المحببة إليها، إذ تصف عالم الصحراء «بالامتداد العميق والمساحات الشاسعة، بعيداً عن أضواء المدينة وأجواء العمل، تحت ضوء القمر وبريق النجوم»، مشيرة إلى أن إمضاء الوقت في تلك الصحاري يمنحها راحة في النظر، وشيئاً من معاني الحرية، وتتيح لها رغبة الاكتشاف. الفرنسية ديان دودان كلافو (30 عاماً) ذهبت إلى أبعد من ذلك، وراحت تستكشف دهاليز صحاري نجد العميقة، إذ تكشف في حديث ل«الحياة»، بأنها كانت مرشدة سياحية لهيئة السياحة والآثار السعودية لمكان طبيعي ثري بعد أن قامت مع عدد من أصدقائها برحلة إلى محافظة «ضرماء» (غرب مدينة الرياض ب60 كيلو متراً) واستكشفت جبالاً وكهوفاً يسكن في أعماقها بحيرات طبيعية، بيد أن الوصول إليها ليس سهلاً، كما تقول، لكنها كانت دليلاً للمكان لأحد مسؤولي الهيئة الذي زار المكان برفقتها. وعن تفاصيل أولى زيارتها لذلك المكان، تقول إنها اضطرت إلى قطع مسافة نحو 30 دقيقة مشياً على الأقدام داخل الكهف حتى تصل لتلك البحيرات، وسط ظلمة حالكة، مستعينة بكشاف ضوئي معلق في جبينها، وحبل مشدود في مدخل الكهف لضمان العودة مجدداً إلى النور، لافتة أن شغفها بالمغامرة منحها الجرأة لدخول المكان رغم أنه مظلم جداً، ويضيق كلما توغلت فيه، بل إنها مارست هواية السباحة في تلك البحيرة بمتعة ودهشة كبيرتين، كما تصف تلك الرحلة بالمفاجأة السارة، والتي تسعى لتكرارها في أماكن أخرى في السعودية، لأن «بلدكم غنية جداً بالمعالم الأثرية المذهلة». تحاول ديان تعلم اللغة العربية من خلال المحاكاة وحفظ بعض الكلمات الدارجة باللهجة المحلية السعودية التي تنطقها بلكنة مكسرة، دائماً ما تثير الطرفة بين أصدقائها السعوديين، حينما تشير إلى أنها «بدوية فرنسية». وتستعين بالملابس الشعبية عند ذهابها للبر، إذ تلتحف بالفروة، أو «الفغوة» كما تسميها، إضافة إلى تناولها الوجبات المحلية مع أصدقائها في البر مثل «المرقوق» و«القرصان» و«المظبي»، كما تعرف عديداً من الزواحف والكائنات الصحراوية، وتمازح زملاءها وأصدقاءها عن وصف «الضب» وطريقة أكله، كما تصف نفسها بأنها تشبه النظام التقني GARMIN إذا ما تعلق الأمر بصحاري نجد. الفرنسية التي تعمل مديرة للعلاقات العامة والإعلام لدى أحد فنادق العاصمة، تشير إلى أنها فضلت العيش بالسعودية، رغم توافر فرص العمل في فرنسا، إلا أن اهتمامها بمعرفة الثقافات الأخرى يجعلها «مرتاحة في غربتها بالسعودية»، مبينة أن المجتمع السعودي يحمل سمات «الحياة الهادئة والعفوية»، كما أنه يمتلك «قيماً اجتماعية مهمة، إضافة إلى أن العلاقات الإنسانية مميزة وراقية». كل من التقى ديانا ينبهر بحسن تعاملها وسرعة اندماجها وسَعة أفقها عن المجتمع السعودي، وارتباطها بعدد من الصداقات مع الجنسين، إذ تشير إلى أنها تتعايش مع السعوديين «من دون أية قيود، وتثق بهم كثيراً»، مضيفة: «الشباب السعودي يتميز بحسن الأدب وحب الحياة، والتكاتف مع من حوله. كما أنهم يحملون مشاعر طيبة تجاه الآخر»، موضحة أنها تشعر بالتميز لوجودها في السعودية نظراً لندرة وجود السياح الأجانب فيها، لذا تبدو «مميزة». إضافة إلى أنها ترغب في أن تكتشف الأماكن بنفسها وبمبادرة ذاتية، خصوصاً في ظل غياب البرامج السياحية الموجهة للجمهور الغربي، «فمثير جداً أن تكتشف بنفسك بلداً مخبوءاً بالمفاجآت». ديان: السعوديات يرغبن في العيش من دون وصاية