بدت علامات الارتياح واضحة أمس على محيا المتسوقات في المجمعات التجارية، فلقد تخلصن رسمياً من الشعور ب«الإحراج» الذي كان يلازمهن حين ارتياد محال بيع الملابس النسائية، خصوصاً الداخلية منها، فمنذ أمس، لن يتعاملن مع رجال، يشعروهن بالحرج، حين يطلبون منهن تحديد مقاساتهن، أو حين يباغتهن بعبارة «أعرف مقاسك». واستبقت بعض المحال في عدد من المجمعات التجارية في مدن الدمام والخبر والظهران والقطيف الموعد الرسمي الذي حددته وزارة العمل لتأنيث محال الملابس النسائية، بتوظيف فتيات قبل أسابيع وحتى أشهر. وقال مدير مجمع «القطيف سيتي مول» محمد كميل: «المحال التي طبقت القرار مسبقاً حصدت أرباحاً مرتفعة، لشعور المتسوقة بالراحة في التعامل مع امرأة مثلها، تقدم لها حاجاتها»، مضيفاً «بعض المحال في المجمع لم تطبق القرار حتى يوم أمس، ولكنني أعلم أنهم ساعون في التطبيق، فلقد فتحوا باب التوظيف، وهم في طور اختيار الموظفات». وأضاف: «ملاك المحال أكدوا أنه لن يكون هناك استغناء عن البائعين الرجال، وإنما زيادة في عدد الموظفات النساء، على سبيل المثال المحال التي تضم حاجات نسائية ورجالية، وسيكون الرجال مسؤولون عن البضائع الرجالية، والنساء عن الأقسام والبضائع النسائية، ولدينا محل متخصص للعطور والمكياج، يتولى كل ركن موظف واحد، ليتولى بعد تطبيق القرار الرجال قسم العطور الرجالية، والنساء قسم المكياج، والعطور النسائية». وقامت محال تجارية في مدينتي الدمام والخبر، بترقية البائعين الرجال، وحولتهم إلى وظائف إدارية، فيما اقتصرت عمليات البيع والمحاسبة على النساء، على أن يكون مدير المعرض رجل. ولفتت باسمة محمد، التي تعمل بائعة في محل ملابس ضمن مجمع تجاري في الدمام إلى أن «رواتب الرجال تفوق النساء ب25 في المئة، وهو ما يصب في مصلحة أصحاب المحال التي توظف فتيات». ورفضت باسمة الجزم بأن المرأة أكثر تمكناً في عملية البيع والإقناع، وقالت: «هذا الأمر يعود إلى قدرة الموظف، سواءً كان رجلاً أم امرأة، ولنضمن النجاح، وعلينا إعطاء النساء عاماً واحداً، للتجربة وتقديم ما لديهن من طاقات، خصوصاً أن مديري المحال يحضرون للإشراف والاطلاع على المحل قبل مواعيد العمل، تفادياً للإحراج، مع الموظفات أو المتسوقات». وتؤكد فاطمة عبدالحي، أنها تتسوق للمرة الأولى من دون إحساس بالخجل، عند سماع جملة «أعرف مقاسك»، التي كان يلقيها على مسامعها الباعة الرجال. وتقول: «أعلم أن البائع يقولها نتيجة خبرة، وليس بسوء نية، إلا أنها تشعرني بالحرج، بأن رجلاً أجنبياً يعرف عني أموراً من ضمن خصوصياتي»، مبينة أن «النساء يشعرن بالدهشة بأن البائع أكثر قدرة على معرفة المقاس من صاحبة الطلب نفسها». وترى أنه بعد توظيف الفتيات في المحال سيكون التسوق «أمراً مريحاً، وغير مزعج، خصوصاً في ما يتعلق بالملابس الداخلية». وتذكر دانة ربيع أن زوجها كان يشعر بالضيق حين نتسوق، ما يدفعه إلى المشاجرة في كل مرة مع الباعة الرجال، «وقرار التأنيث رفع عن النساء الحرج، وسيشمل معظم المحال، لأن غالبها مخصص لحاجات النساء». وتنتظر هيفاء المؤمن أن يتم تأنيث المحال النسائية كاملة، وتقول: «توجهت اليوم (أمس) للسوق، ولم أر الموظفات في جميع المحال، وفضلنا الذهاب إلى المحال التي تتولى النساء البيع فيها، نتيجة للراحة التي نشعر بها عندما تكون من تقدم لنا المقاسات وتعرض لنا الجديد امرأة»، مشيرةً إلى أن المحال التي لن تطبق القرار قريباً، ستتكبد خسائر مالية كبيرة. ويتوقع محمد علي، الذي يملك خبرة تسعة أعوام في بيع الملابس النسائية الجاهزة أن يخسر وظيفته، إلا أن صاحب المحل أكد أن محال الملابس الداخلية فقط هي من سيتم تأنيثها. وعن معرفته بالقياسات النسائية، قال: «من واقع الخبرة تنحصر مقاسات معظم السيدات بين 28 إلى 42، وهناك من يرتدي أكبر أو أصغر، إلا أنهن قلة، فنقدم المقاس للسيدة من دون أن نشعر بالحرج، فيما بعض السيدات يجهلن مقاساتهن في ماركات معينة، فنقدم لهن المساعدة عن طريق التعرف على مقاسها المعتاد، ونطابقه مع القياسات من صناعات أخرى». وتقول هيفاء وإيمان اللتان بدأتا العمل في محل لبيع العطور قبل ثلاثة أيام: «شعرنا بالإحراج والخجل بداية، إلا أننا اعتدنا على العمل، وأكد صاحب المحل أن المبيعات ارتفعت بعد توظيفنا، فالمرأة أصبحت تتعامل بأريحية، وبمعية زوجها، وفي بعض الأوقات يحضر رجل لشراء هدية لزوجته، وأكد عدد من الأزواج بأن اختيار المرأة للمرأة دائماً يكون الأفضل». وعارضت أسرة أمل سعود، عملها في أحد المحال النسائية، إلا أنهم على حد تعبيرها «كانوا يرفضون لغرابة العمل، وعدم وجوده سابقاً، ورفضوا أن أكون أول من يخوض التجربة، إلا أنني لم أجد عملاً أفضل منه، فألحيت على العمل، وبدأته بالفعل قبل عام، لافتةً إلى أن القرار «بوسعه توفير عدد كبير من الوظائف النسائية، تتسم بالأمان أيضاً، للتعامل المباشر مع النساء.