أصبح سامي كنعان منذ الأوّل من حزيران (يونيو) رئيساً لبلدية جنيف. يقع مكتبه الواسع والمضيء داخل فيلا كبيرة في وسط منتزه محاط بأشجار خضراء باسقة. وضع على رف مكتبته نسخاً عدة من فهرس يحمل عنوان «مفاتن لبنان». ويملك رئيس البلدية الذي سيتولّى منصبه على مدى سنة أصولاً شرقية من لبنان وأصولاً غربية من سويسرا. كنعان قال ل»الحياة»: « بوسعي القول أنني أوّل رئيس لبلدية جنيف من أصول غير أوروبية» بالإشارة إلى والده اللبناني، وإلى كونه وُلد في بيروت وأمضى فيها سنواته السبع عشرة الأولى. وأضاف: «لا أريد بناء أسطورة حول كوني أجنبياً فقيراً وصل إلى جنيف ونجح». في بداية ستينات القرن الماضي، تخرّجت والدته في الجامعة وحصلت على وظيفتها الأولى في الخارج إذ عملت في القنصلية السويسرية في بيروت حيث التقت زوجها اللبناني. اختار كنعان موضوع «الحدود» ليكون عنوان سنته كرئيس للبلدية. ففي جنيف، وفي سويسرا وأوروبا بشكل عام، ثمة خوف متزايد من الآخر ومن الأجنبي. وعن أصوله اللبنانية يقول: «لم أُجد أبداً العربية إذ أنّ والدي كان يتكلّم الفرنسية في المنزل، على رغم أنّه علّم نفسه بنفسه». وعاد بذاكرته إلى الأيام التي ترعرع فيها في بيروت حيث كان طالباً في مدرسة الليسيه الفرنسية، وسافر الى سويسرا عام 1981 ليدرس في مدينة بيين. ومن ثمّ درس الفيزياء في زوريخ قبل أن ينتقل إلى جنيف ليحصل على شهادة أخرى في العلوم السياسية. وبدأ اهتمامه بالسياسة مذ كان في المدرسة في بيروت. وقال: «كنت في سن الخامسة عشرة. وكنت مثالياً. أردتُ أن أجلب السلام إلى العالم». وأضاف: «إنّ ذلك كان ردّة فعل على عجزي عن القيام بأي شيء إزاء النزاع العنيف الدائر من حولي». في مدينة بيين حاول تكوين مجموعة سلمية داخل المدرسة. ودفعه ذلك إلى الخوض في المسائل السويسرية والأوروبية مثل المطالبة بالخدمة المدنية للأشخاص الذين يعارضون الخدمة العسكرية ودعم الأشخاص الذين يبحثون عن اللجوء. ومن ثمّ بات فاعلاً في الحركة المناهضة للتمييز العنصري في جنوب أفريقيا وفي الحركات المتعاطفة مع دول أميركا اللاتينية. ورداً على سؤال عن رأيه بمقولة أن لبنان«سويسرا الشرق»، ضحك وقال: «يملك البلدان بنية تعددية وريادة أعمال خاصة لكنّ المقارنة بينهما تنتهي عند هذا الحدّ. فالسويسريين مدركون جداً للخير العام، الأمر الذي لا ينطبق على لبنان». ويجوب سامي كنعان شوارع جنيف على دراجته الهوائية ولم يتغيّر ذلك بعد أن أصبح رئيساً لبلديتها. حين خاض مجال السياسة، ظنّ أنّ اسمه العربي- اللبناني سيقف عقبة أمامه. إلا أنّه واجه عائقاً آخر تمثّل بعدم ترعرعه في جنيف وتالياً افتقاره إلى شبكة محلية قوية تعدّ مفتاحاً للفوز في الانتخابات. وقبل أن يصبح مرشحاً للانتخابات البلدية، كان مدير القسم الاجتماعي في بلدية جنيف حيث اشتهر بعمله الشاق ومعرفته الدقيقة بالمشاريع التي يعمل عليها. وخلال الانتخابات البلدية عام 2010، حصل على أكبر عدد من الأصوات بين خمسة مديرين تنفيذيين في المدينة. واختتم بالقول: «إنّ النصيحة التي أقدّمها إلى المهاجرين الشباب، هي الانخراط في الجمعيات وفي الحياة المحلية مثل نوادي كرة القدم أو مختلف الفعاليات».