قالت مصادر واسعة الاطلاع ل «الحياة» في بيروت أمس ان الاتصالات السعودية - السورية حول الوضع اللبناني والانتقال به الى مرحلة جديدة من الاستقرار تواصلت على قدم وساق خلال اليومين الماضيين، وتشمل تسهيل قيام حكومة وحدة وطنية تجمع الأكثرية والمعارضة. وذكرت المصادر أن هذه الاتصالات التي استمرت أمس بزيارة قام بها الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ووزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة، للعاصمة السورية بلغت مرحلة متقدمة من التداول في شأن إحداث نقلة جديدة في العلاقات اللبنانية – السورية على قاعدة تطبيق اتفاق الطائق واعتبار ان اتفاق الدوحة انتهى مفعوله. وأشارت المصادر الى ان الساعات الثماني والأربعين الماضية من هذه الاتصالات شهدت صرف النظر عن فكرة اجتماع الكتل النيابية، التي يتشكل منها البرلمان اللبناني في دمشق، للتوصل في ما بينها الى اتفاق على تركيبة الحكومة اللبنانية الجديدة وعلى مهماتها السياسية، وارتؤي ترك الفرقاء اللبنانيين يخرجون أي اتفاق في ما بينهم الى العلن انطلاقاً من آليات يحددونها هم. وكان الجانب السوري طرح الفكرة مطلع هذا الأسبوع على المسؤولين السعوديين، خصوصاً أن الاتصالات بين الجانبين تشمل ترتيب واخراج اجتماع بين الرئيس السوري بشار الأسد وبين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لإنهاء القطيعة بين الرجلين، برعاية سعودية، مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ،وأنه يرجح أن يتم تجاوز الموانع أمام مثل هذا الاجتماع لمجرد تولي الحريري رئاسة الحكومة، الأمر الذي يحتم عليه التعاطي مع سورية من دولة الى دولة على رغم الاتهام السياسي الذي وجهه وحلفاؤه في قوى 14 آذار الى سورية بعد اغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وباعتباره سلّم بمبدأ فصل موضوع التحقيق الدولي والمحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في الاغتيال، عن العلاقات بين لبنان وسورية، وفي حال توصلت الاتصالات الى نتائج في هذا المجال فإن الأوساط المتابعة تعتقد بان الحريري سيكون أمام قرار صعب في شأنه. وأوضحت المصادر ان الاتصالات الإقليمية حول الوضع اللبناني تتوخى إحداث انطلاقة جديدة فيه واخراجه من حال التأزم التي عاشها خلال السنوات الأربع الماضية، وهذا سيؤدي الى صرف النظر عن مطلب المعارضة الذي كانت دعمته سورية خلال السنوات الماضية، وجرى اخراجه في اتفاق الدوحة العام الماضي بإعطاء قوى 8 آذار الثلث المعطّل. ولاحظت المصادر ان نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية وفوز قوى 14 آذار فيها لا تترك أي لبس بأنها أكثرية في البرلمان ما يحتم التعاطي السوري بواقعية مع الأمر، بحيث تنتفي الحاجة الى هذا الثلث للمعارضة لكي تضمن عدم اتخاذ قرارات في عدد من العناوين خلافاً لمصالحها، خصوصاً أن الاتصالات الإقليمية تشمل التوافق على مجموعة من الخطوات السياسية سواء على الصعيد الداخلي أم في العلاقة اللبنانية – السورية، انطلاقاً من قرارات مؤتمر الحوار الوطني في آذار (مارس) في العام 2006 وفي طليعتها إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح خارج المخيمات، (وضبطه في داخلها)، والذي يفرض أن تلعب سورية دوراً رئيساً في تنفيذه باعتبار أن هذا الوجود يعود الى تنظيمات فلسطينية على علاقة وطيدة بدمشق. وشددت المصادر على أن عناوين التوافق السياسي على المرحلة المقبلة تشكل ضمانات بديلة من الثلث المعطّل، فضلاً عن أن هناك إجماعاً على ترك موضوع سلاح «حزب الله» الى الحوار الوطني. وقالت المصادر نفسها أنه في موازاة إجراء الجانب السعودي اتصالات مع قادة الأكثرية لوضعها في أجواء الاتصالات الجارية مع دمشق، فإن الأخيرة أطلعت بدورها قيادات في المعارضة على جانب من هذه الاتصالات، حيث تردد أن رئيس البرلمان نبيه بري أُطلع على آخر ما توصلت اليه، يوم الأربعاء الماضي، فضلاً عن أن وفداً قيادياً من «حزب الله» كان زار دمشق قبل ذلك (أي بعد الانتخابات بأيام قليلة) حيث اطلع على التوجهات المطروحة في الاتصالات التي كانت بدأت في ذلك الحين، وعاد فتواصل مع القيادة السورية لمواكبة الأفكار المطروحة. ويفترض أن يجري التشاور بين قادة المعارضة حول نتائج ما تتوصل اليه الاتصالات الإقليمية، خصوصاً أن هناك توجهين فيها: الأوّل يبدي استعداداً لتسهيل تنفيذ هذه النتائج وبالتالي عدم الإصرار على بعض المطالب في شأن تأليف الحكومة، والثاني يصر على مطالب قد تؤخر هذا التأليف. وكان رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل قال: «نريد تطبيع العلاقات مع سورية على أسس سليمة وبضمانات بعدم العودة الى التعطيل ومعرفة من قتل الشهداء ونزع السلاح غير الشرعي من المنظمات الفلسطينية». وقال النائب بطرس حرب: «اننا طلاب علاقة ممتازة مع سورية وليس علاقة أسياد وتابعين». وتحدث عن ضغوط سورية على الحريري منها اشتراطها أن يقوم بزيارة دمشق قبل تشكيل الحكومة «وهذا يدعو للأسف». واستبعد النائبان في تيار «المستقبل» غازي يوسف ونهاد المشنوق أن يزور الحريري دمشق قبل تشكيل الحكومة. وكان السفير السعودي علي عواض عسيري التقى النائب ميشال المر، وقال أن «ما يهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو دعم الاستقرار في لبنان». وقال المر أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف الحريري لن يقبلا بمطلب الثلث المعطل في الحكومة. واجتمع الحريري مساء أمس مع وفد موسع من الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير السابق عدنان القصار الذي قال ان تكليف الحريري تشكيل الحكومة ترك ارتياحاً كبيراً وشاملاً لدى الهيئات الاقتصادية وكل طبقات المجتمع انعكس على الأسواق وكافة المناخات الاستثمارية. وأمل أن يعمل الجميع «على تسهيل مهمته، مشيراً الى «خطابه المنفتح وما يهمنا أن يبقى الوضع الأمني مضبوطاً».