أبلغت الخرطوم مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي، أمس، أن قوة عسكرية من متمردي «حركة العدل والمساواة» في دارفور تتألف من 430 مسلحاً على متن 130 سيارة، عبرت إلى دولة جنوب السودان. وجاء ذلك في وقت تعهد جهاز الاستخبارات السوداني القضاء على حركات التمرد في البلاد خلال العام المقبل، وتوعّد حاملي السلاح بمصير مماثل لمصير زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم الذي قُتل بغارة جوية الأسبوع الماضي. في غضون ذلك، قال جيش جنوب السودان إن قوات الخرطوم قتلت 17 شخصاً في ولاية بحر الغزال الغربيةالجنوبية، الخميس، بينما نفت الخرطوم ذلك. وقال فيليب اغوير متحدثاً باسم الجيش الجنوبي ل «فرانس برس»: «القتلى مدنيون أبرياء كانوا يرعون ماشيتهم» في هذه الولاية الحدودية مع الشمال. وبالتزامن مع ذلك، طلبت الحكومة السودانية من المنظمة الدولية أن تساعدها في الضغط على دولة جنوب السودان لكي تمتنع عن تقديم أي مساعدة لقوة «العدل والمساواة» التي دخلت أراضيها وأن تقوم بتجريدها من سلاحها وتسليم المطلوبين من أفرادها إلى العدالة في السودان. وقال بيان لوزارة الخارجية السودانية إن السلطات تقدّر قوة المتمردين التي دخلت جنوب السودان من وادي هور في شمال دارفور، بأنها تتكون من 120 سيارة تحمل أسلحة إسناد مختلفة وسيارة مصفّحة كانت تقل زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم الذي قتل بقصف جوي قبل أسبوع. وأضاف البيان أن القوة تضم أيضاً ثلاث سيارات كبيرة محملة راجمات صواريخ، وسيارات أخرى محملة رشاشات من عيار 37 ملم وسيارتين تحملان مدافع من عيار 32 ملم، وسيارة اتصالات. وتابع أن القوة تضم أيضاً تسعة من القادة الميدانيين ونحو 430 عنصراً، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة هي جزء من السلاح الذي حصل عليه إبراهيم من النظام الليبي السابق في عهد العقيد معمر القذافي. وذكرت وزارة الخارجية أن هذه القوة كانت قد نهبت من القرى التي هاجمتها 50 شاحنة صغيرة و12 سيارة من تجّار الذهب، كما خطفت نحو 500 مواطن من مختلف المناطق التي هاجمتها. وتقدّر السلطات حجم الأموال المنهوبة بنحو بليوني جنيه (500 ألف دولار). وأضافت الخارجية أن القوة المسلحة للمتمردين تتمركز حالياً في منطقة تمساحة الواقعة جنوب حدود عام 1956. وأشارت إلى نقل جرحى من المتمردين إلى مستشفى قوق مشار في المنطقة، وإلى تخصيص الجنوب قاعدة قريبة من منطقة راجا لتجميع وتدريب المقاتلين بما في ذلك المواطنين الذين تم خطفهم. وذكرت أن السلطات القانونية والقضائية شرعت في إجراءات وملاحقات قانونية في مواجهة قادة وجنود متمردي «حركة العدل والمساواة» الذين هاجموا المدنيين طوال خط سيرهم وهم يتوجهون نحو الجنوب. ورأت الخارجية أن الطريقة التي ستتعامل بها دولة جنوب السودان مع هذا الملف سينعكس على مسار تطبيع العلاقات بين البلدين وعلى علاقتهما المستقبلية. في غضون ذلك، تعهّد المدير العام لجهاز الأمن والاستخبارات السوداني الفريق محمد عطا المولى بالقضاء على حركات التمرد في البلاد خلال العام المقبل، مؤكداً أن مصير زعيم «حركة العدل والمساواة» خليل إبراهيم الذي قُتل بغارة جوية قبل أسبوع سيكون قدر كل من يرفع السلاح في وجه حكومته. وأكد مدير الأمن والمخابرات السوداني، في كلمة له أمام عناصر الجهاز، أن السودان سيقضي على التمرد في إقليم دارفور وولايتي جبال النوبة والنيل الأزرق في خلال العام المقبل، وشدد على أنه سيكون عاماً ل «كنس التمرد على الدولة»، مهدداً بكشف من سمّاهم «العملاء والمرتزقة». وكشف عطا، في حديث بثّه التلفزيون الرسمي، أن عناصر من جهاز الأمن اخترقت «حركة العدل والمساواة» وكانت ترسل تقارير كل ساعة، وحددت سير خليل إبراهيم وأبلغت الطيارين بموقعه، الأمر الذي سمح بإصابته بدقة، مشيراً إلى أن تلك العناصر واجهت المخاطر بوجودها مع المتمردين وتعرضها إلى نيران القوات الحكومية. وكان محمد عطا ووزير الدفاع عبدالرحيم حسين أكدا في جلسة سرية للبرلمان أن اغتيال خليل إبراهيم تم بصاروخ أطلق من طائرة عسكرية بعد متابعة ورصد دقيقين لتحركاته واتصالاته الهاتفية. وأضاف عطا المولى أن السودان قد أصبح أكثر تلاحماً وأقوى من أي وقت مضى بعد انفصال الجنوب، مؤكداً أن أجهزة الأمن ستفلح في كشف مؤامرات من اسماهم «الحاقدين والمرتزقة والعملاء» الذين يعملون ضد مصالح الأمة. وأكد أن منتقدي الحريات في السودان ينعمون بمساحاتها ويحلقون في أجوائها، وقال «لن نقبل أن يكون الأمن القومي السوداني مكاناً للمهاترات والمساومات». وأضاف محذراً أن على الذين يريدون الاستمتاع بالحريات أن يقروا بوجودها والانضباط بمسؤولياتها وأخلاقها والوقوف عند «خطوطها الحمر». وفي سياق متصل، أكد حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ضرورة تضافر الجهود لقيادة عمل سياسي إيجابي مواز للانتصارات العسكرية التي حققها الجيش من أجل «هزيمة وفضح» مخططات قوى تضم الحركات المسلحة وتحالف أحزاب المعارضة. وقال مساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم نافع علي نافع، إن المكتب القيادي لحزبه برئاسة الرئيس عمر البشير الذي يُفترض أن يكون قد انتهى في الساعات الأولى من صباح أمس الخميس، ناقش الوضع السياسي الراهن في البلاد والأنشطة المعادية التي تقودها القوى المعارضة والحركات المتمردة. وأكد أن الحزب شدد على أهمية تكثيف الجهود السياسية الإيجابية من قبل كل أحزاب الحكومة «لهزيمة مخططات المعارضة»، قائلاً إن هزيمتها تجلت في ما لحق ب «حركة العدل والمساواة» وقتل زعيمها خليل إبراهيم. إلى ذلك، اصطدم طلاب يساندون «حركة العدل والمساواة» مع آخرين من أنصار الحزب الحاكم في «جامعة السودان» في الخرطوم، وتدخلت قوات الشرطة مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات لفض أحداث العنف بعد استخدام طلاب مؤيدين للحركات المتمردة في دارفور قذائف المولوتوف ما أدى الى إصابة 12 طالباً. واندلعت الأحداث إثر ندوة لطلاب مؤيدين لخليل إبراهيم وجهوا فيها انتقادات شديدة اللهجة إلى السلطات لفضّها بالقوة سرادق عزاء الزعيم المقتول أمام منزله في حي عد حسين في جنوب شرقي الخرطوم. وأعلن رئيس اتحاد طلاب الجامعة عبدالله محمد صالح إدانتهم استخدام العنف داخل الجامعة واعتبره سلوكاً غريباً على أخلاقيات العمل الطلابي القائم على الحوار والمنطق واحترام الرأي الآخر. وكان حاكم ولاية الخرطوم عبدالرحمن الخضر تحدث في وقت سابق عن تكوين غرفة تضم كل الأجهزة الأمنية ويقودها ضابط برتبة لواء للتصدي لأي خلل أمني، ولها 33 مجموعة لفض الشغب موزعة على الولاية، مؤكداً أن الأجهزة أصبحت محيطة تماماً بأشكال التهديدات كافة. من جهة أخرى، دعا وزير دفاع النيجر إلى توثيق التعاون الأمني بين بلاده والسودان للحد من تهديد الأسلحة المهرّبة من ليبيا على الأمن القومي والاستقرار السياسي في كلا البلدين. وأعرب وزير دفاع النيجر محمود كارديو، خلال لقائه البشير، عن مخاوفه من خطورة تسرّب بعض أسلحة النظام الليبي السابق إلى المنطقة. ودعا إلى التنسيق بين السودان والنيجر لتلافي أخطار امتلاك المواطنين والحركات المسلحة لتلك الأسلحة، بينما أكد البشير حرص بلاده على التنسيق الأمني مع النيجر في هذا الصدد. وكانت تقارير تحدثت عن اختفاء أسلحة متقدمة وكميات كبيرة من الأسلحة التقليدية من ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي وانتقالها إلى دول مجاورة منها السودان والنيجر التي تقع في غرب لييبا ولها حدود شاسعة مع الدولة الافريقية. وأشارت تقارير غربية إلى تهريب صواريخ ليبية إلى السودان، وهذا ما نفته الخرطوم، بينما قالت تقارير أخرى إن متمردين من منطقة دارفور قاتلوا إلى جانب العقيد القذافي هرّبوا أيضاً كميات كبيرة من السلاح إلى دارفور