الكويت - رويترز - رأى رجال أعمال وخبراء مؤشرات قوية على وجود فرص وآفاق واسعة أمام الصناعة المالية الإسلامية في الدول العربية التي شهدت ثورات هذا العام مع تحول الربيع العربي إلى ربيع إسلامي. وقالوا في لقاءات مع «رويترز» على هامش المؤتمر الفقهي الرابع للمؤسسات المالية الإسلامية الذي عقد أخيراً في الكويت، إن غالبية النظم التي ثارت ضدها شعوبها كانت تفرض قيوداً على العمل المالي الإسلامي، وإنه بزوال هذه الأنظمة زال العائق الأساسي الذي كبّل هذه الصناعة على مدى عقود، كما انفتح المجال أيضاً حتى في دول لم تشهد تغيرات سياسية كبرى. وقال نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة استثمار كويتية وهي شركة إسلامية علي الزبيد، إن الشركة كانت حصلت على رخصة استثمارية إسلامية في تونس قبل سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، لكنها تشعر الآن أن هناك «فرصة لتوسعتها وتنشيطها». وأضاف أن حصة الشركة وهي مدرجة في بورصة الكويت في الاستثمار الجديد في تونس تبلغ عشرة ملايين يورو، مبيناً أن حجم الطلب هناك كبير للغاية على الخدمات المالية الإسلامية، مشيراً إلى أنه خلال الأشهر المقبلة ستكشف الشركة عمّا ستقوم به من مشاريع في مصر وليبيا وتونس. وذكر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القرة داغي، أن هناك بنوكاً عربية تسعى للتحول للعمل المصرفي الإسلامي بدءاً من 2013 عن طريق تحويل فروعها للعمل الإسلامي شيئاً فشيئاً إلى أن تكتمل عملية التحول خلال سنوات. أما مدير شركة الاستشارات الشرعية التي نظمت المؤتمر عبدالستار القطان، فأوضح أن لقاء هذا العام شهد وللمرة الأولى حضوراً من تسع سفارات عربية وأجنبية سواء على مستوى السفراء أو من يمثلهم، معتبراً أن هذا الأمر يعكس مدى الاهتمام الذي تحظى به هذه الصناعة. وأسفرت الانتخابات التي جرت بعد اندلاع الثورات العربية عن فوز أحزاب ذات توجهات إسلامية، ففي تونس حصد حزب النهضة 41.7 في المئة من الأصوات لتشكيل المجلس التأسيسي الذي سيضع الدستور الجديد، كما شكل أمينه العام حمادي الجبالي أول حكومة منتخبة بعد الثورة. وفي المغرب فاز حزب العدالة والتنمية ب27 مقعداً، وهي أكبر حصة في البرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وعيّن الملك محمد السادس الأمين العام للحزب عبدالإله بن كيران رئيساً للوزراء. كما حصد حزب الحرية والعدالة المصري المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي ما يقرب من 70 في المئة من المقاعد في أول مرحلتين من الانتخابات البرلمانية. ويقول القرة داغي: «هذا الربيع العربي تحول إلى ربيع إسلامي أيضاً.. ستنعكس آثار هذه النجاحات الإسلامية في المجال السياسي على المجال الاقتصادي». ويقول عبدالستار القطان: «بالتأكيد فوز أصحاب التوجه الاسلامي يعطي مؤشراً على أن المصرفية الإسلامية يمكن أن يكون لها مستقبل أكبر». أما الزبيد فيقول «بداهة من غير أي اجتهاد.. بالتأكيد ستكون الفرصة مواتية للمؤسسات المالية الإسلامية». ويرى الزبيد الذي عملت شركته في مصر خلال السنوات الماضية ولكن في المجال العقاري أن «دولة كمصر... كان بها مؤسسات إسلامية ولكن ليس بالقوة المطلوبة أو الجودة المطلوبة.. البنك المركزي لم يكن يدعمها». وأوضح القره داغي «مصر كان فيها انحسار وتراجع (للعمل المالي الإسلامي) الآن سيفتح المجال أمام مصر بحجمها وقوتها وليبيا بأموالها واستثماراتها ثم المغرب وتونس واليمن». وبين رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة للهيكلة المالية عصام الطواري، أن كثيراً من أنشطة المصرفية الاسلامية «كانت مغلقة بقرار سياسي» وأن المجال انفتح الآن حتى أمام بعض الدول التي شهدت احتجاجات بسيطة ومنها سلطنة عمان التي تم السماح فيها بالعمل المالي الإسلامي خلال 2011 بعد ضغط شعبي. وقال الزبيد إن الصناعة المالية الإسلامية التي تشمل البنوك وشركات الصيرفة الاسلامية وشركات التأمين التكافلي والاستثمار شهدت نمواً تراوح بين 7 و8 في المئة خلال سنوات الأزمة العالمية بينما كان معدل النمو قبل الأزمة بين 15 و20 في المئة. وأضاف القره داغي أن نسب النمو في الصناعة المالية الاسلامية كانت تراوح سابقاً بين 15 و 20 في المئة أما الآن فيتوقع أن تكون بين 25 و30 في المئة بدءاً من عام 2012. وعبر الطواري عن عدم قدرته على التنبؤ بشأن 2012 ومستقبل الصناعة المالية الإسلامية فيه نظراً لتداخل عاملين متعارضين الأول وجود فرص جديدة والثاني أن العالم كله يمر بركود اقتصادي وشح في السيولة. وقال الطواري: «بعيداً عن السياسة.. أي قرار استثماري أو تمويل سواء إسلامي أو تقليدي يأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي»، مؤكداً أن حال عدم الاستقرار التي تمر بها بعض بلدان الربيع العربي سيترتب عليها انحسار في فرص التمويل والاستثمار سواء كانت تقليدية أم اسلامية. ولفت القطان إلى أن «الوقت مبكر الآن لاتخاذ خطوات عملية لأن الأمور لم تستقر في الدول التي حصل فيها تغير.... لا أتوقع أن يكون هناك انطلاق كبير في 2012.. قد يكون (الانطلاق) في 2013 أو 2014». وأكد القطان أن نقص التشريعات يعد من أهم التحديات التي تواجه العمل المالي الإسلامي، إضافة إلى الحاجة الدائمة لتطوير المنتجات.