أجمع مراقبون مهتمون بالشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب على أن «الخليفة» أبوبكر البغدادي زعيم «الدولة الإسلامية» التي أعلنها في المناطق التي يسيطر عليها تنظيمه الإرهابي هو الخاسر الأكبر من العملية الإجرامية التي قامت بها «سرية شرورة» قبل يومين جنوب السعودية، إذ إن من شأن هذه الأنشطة الإرهابية أن تقلل حماسة المتعاطفين مع «الدولة الإسلامية»، على غرار ما حدث لتنظيم «القاعدة» بعدما طفق يشن هجمات إرهابية في السعودية في عام 2003. فضلاً عن أن «جريمة شرورة» أذكت الخلاف والتنافر بين أنصار «خلافة» البغدادي وأنصار «القاعدة» في اليمن، إذ سارع الأوائل لتأييد ما حدث في شرورة، فيما أبدوا استياءهم من عدم مباركة «القاعدة» قيام «دولة الخلافة» حتى الآن. (للمزيد) ولا يبدو أن «الخليفة» البغدادي، سيهنأ كثيراً بإمارة «الدولة الإسلامية» التي أعلنها، فيما يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، من جانب حلفائه وأعدائه في آن معاً. أولى الضربات كانت على يد المجموعة المتطرفة التي هاجمت شرورة (جنوب السعودية)، إذ إن أية عمليات يقوم بها تنظيم «القاعدة»، الشقيق ل«الدولة الإسلامية» فكرياً، تقلل من حماسة أنصار «الخليفة» الطامح إلى استعادة أمجاد هارون الرشيد وأبوجعفر المنصور. ويرى المراقبون أن أحد الأسباب التي دفعت أطرافاً سعودية واسعة من التيار المتشدد إلى مراجعة آرائهم حيال تأييد «القاعدة» بعد 11 أيلول (سبتمبر)، العمليات الدموية التي استهدف التنظيم بها مواقع حيوية في السعودية التي تضم الحرمين الشريفين، وتطبق الشريعة الإسلامية. ولا ينسى المراقبون أن تراجع التعاطف الأكبر مع التنظيم شهد ذروته بعد إعلان السلطات السعودية، واكتشاف خلايا إرهابية أصبحت في حرب مفتوحة معها في عام 2003، قضى على إثرها رجال أمن ومواطنون ومقيمون من جنسيات مختلفة. حتى الخطاب الديني عبر المواقع والمنتديات الإلكترونية والمنابر، الذي كان أفضل وسيلة للتنظيم في كسب المتعاطفين، هو الآخر وجد رواده أنفسهم محاصرين بمواطنين وهيئات رقابية، غدت واعية بأن أي تبرير للتطرف يعني معاداة الاستقرار في البلاد، التي يعتبرون استهدافها خطاً أحمر. وتسببت «جريمة شرورة» التي راح ضحيتها أربعة من رجال الأمن وخمسة من المطلوبين أمنياً، في قدح فتيل الخلاف بين أنصار «الدولة الإسلامية» وأنصار «القاعدة»، بسبب تخلف «القاعدة» عن مباركة قيام الخلافة. وجاء هذا الخلاف بعد أن بث تنظيم «القاعدة» مقطعاً مدته 11 دقيقة بعنوان «مسؤولية الكلمة»، ظهر فيه كل من مُنظر التنظيم إبراهيم الربيش والقيادي حارث النظاري، وتحدثا عن «خطورة الغيبة والوقوع في العلماء الربانيين، والتأكيد أن هناك من يحول الخلاف البسيط لمسألة ولاء وبراء». واستغلت مجموعة من المعرفات الجهادية التي اشتهر كل منها بانحيازه إلى أحد الفصيلين هذه الكلمة لبدء التراشق بينهما بعدما هب طرف من أنصار دولة الخلافة في تأييد ما جرى في شرورة، فيما هب طرفها الآخر من خلال إطلاق وسم (هاشتاق) على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، يعاتب فيه تأخر زعماء التنظيم عن تأييد دولة الخلافة. داعين إياهم إلى «اتباع الحق، وعدم الانحياز إلى تتبع الهوى الحزبي»، مطالبين في الوقت نفسه «بضرورة التبرؤ من أعمال جبهة النصرة في سورية». وعلى صعيد آخر، كشف مدير أحد المجمعات السكنية في الخبر باسم ناجي، تشديد الإجراءات الأمنية التي فرضتها الشركات المشرفة على المجمعات، من خلال صيانة الكاميرات الرقابية، وزيادة عدد رجال الأمن، والاستعانة بخبراء متخصصين إذا تطلب الأمر، ضمن إجراءات احترازية. وأوضح ناجي ل«الحياة» أنه «لا يمكن وصف الإجراءات الأمنية المشددة على المجمعات السكنية بأنها تأهب لأي عمل إرهابي، وإنما مجرد إجراءات احترازية وأمنية إضافية بعد التطورات الأخيرة ومحاولات التسلل إلى المملكة، إضافة إلى ما يقرأه المحللون السياسيون من الواقع الذي ربما يترجم أحداثاً لا تحمد عقباها». وكانت هذه المجمعات هدفاً في الأعوام الماضية لجماعات إرهابية، ومنها تلك التي استهدفت «مجمع المحيا» في الرياض، ومجمعاً في الخبر عام 2005.