اعترفت «حركة العدل والمساواة» المتمردة الأبرز في دارفور أمس بمقتل مؤسسها وزعيمها خليل إبراهيم متأثراً بإصابته في مواجهات مع القوات الحكومية قبل يومين. واعتبرت الخرطوم ذلك انتصاراً، وخرجت تظاهرة أمام مقر قيادة الجيش ابتهاجاً بالحدث. وكان الجيش شن غارات جوية على قوات من «العدل والمساواة» قادها إبراهيم للهجوم على 20 منطقة في محافظتي أم كدادة والطويشة في ولاية شمال دارفور و14 منطقة في ولاية شمال كردفان المتاخمة لها. ودمرت الغارات نحو 37 سيارة من ضمنها موكب ابراهيم الذي أصيب إصابات بالغة وسط ظروف غامضة ولم يتمكن حراسه من إسعافه. وأعلن الجيش أنه قتل إبراهيم في ولاية شمال كردفان المحاذية لدارفور في اشتباكات فجر أمس أعقبت هجوماً للمتمردين على المنطقة. وقال الناطق باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد إن القوات الحكومية تمكنت من قتل إبراهيم (54 عاماً) في معركة وقعت غرب محافظة ودبندة في شمال كردفان. وروى أن «القوات المسلحة اشتبكت في مواجهة مباشرة مع قوات حركة العدل والمساواة في منطقة ودبندة التي اجتاحتها اول من أمس وتمكنت من القضاء على المتمرد خليل إبراهيم وعدد من قيادات حركته». وأشار إلى أن «مواطنين في تلك المناطق أدلوا بمعلومات للقوات المسلحة في شأن تحركات خليل مما سهل القضاء عليه»، موضحا أن «إبراهيم كان مع مجموعة تخطط للوصول إلى دولة جنوب السودان عندما قطعت القوات المسلحة خط سيرهم وقتلته». وأكد مسؤول العلاقات الخارجية في «العدل والمساواة» جبريل إبراهيم ان شقيقه خليل قتل في مواجهات في ولاية شمال كردفان، ورفض الحديث عن أي تفاصيل. وولد خليل إبراهيم في قرية الطينة في ولاية شمال دارفور على الحدود مع تشاد، وينتمي الى قبيلة الزغاوة التي لديها امتداد في تشاد، وتخرج في كلية الطب في جامعة الجزيرة في وسط السودان العام 1984 وتربطه صلة قرابة بالرئيس التشادي ادريس ديبي، ولذلك يتم اتهامه بأنه كان يلقى الدعم المالي والعسكري من حكومة ديبي قبل طرده من الاراضي التشادية. وهاجر إبراهيم إلى السعودية للعمل فيها، لكنه عاد إلى السودان بعد وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى الحكم في منتصف العام 1989، إذ كان جزءاً من «الجبهة الإسلامية القومية» التي كانت تضم البشير. وبدأ إبراهيم نشاطه السياسي العملي مع حكومة البشير في أوائل التسعينات، وعين وزيراً للصحة في حكومة إقليم دارفور قبل تقسيمه إلى ثلاث ولايات، ثم وزيراً للتعليم في حكومة ولاية شمال دارفور، ونقل إلى ولاية النيل الأزرق في جنوب شرق البلاد وزيراً للشؤون الهندسية. وحين حدث الانشقاق في صفوف الإسلاميين بين البشير والزعيم التاريخي للإسلاميين حسن الترابي في العام 1999، انحاز خليل إلى الترابي وصار أحد رموز «حزب المؤتمر الشعبي» الذي يتزعمه الأخير. وأسس إبراهيم «حركة العدل والمساواة» ذات التوجه الإسلامي في العام 2001، ثم بدأت في شباط (فبراير) 2003 نشاطها العسكري في دارفور إلى جانب «حركة تحرير السودان» برئاسة عبدالواحد نور. وفي ايار (مايو) 2006، وقعت الحكومة السودانية و «حركة تحرير السودان» فصيل مني أركو ميناوي، اتفاق أبوجا لسلام دارفور، لكن إبراهيم رفض الانضمام إلى الاتفاق، ورأى أنه لا يلبي مطالب حركته. وقاد في ايار (مايو) 2008 هجوماً على العاصمة السودانية الخرطوم أوقع نحو 222 قتيلاً ومئات الجرحى. وحكم على عشرات من قواته بالإعدام، بينهم أخوه غير الشقيق عبدالعزيز عشر، قبل أن يصدر قرار رئاسي بإلغاء أحكام الاعدام، لكن عشر لا يزال محتجزاً في سجن كوبر في شمال العاصمة. وعقب ذلك، انخرطت «العدل والمساواة» في مفاوضات السلام في شأن إقليم دارفور التي ترعاها قطر، ووقعت تفاهمين مع الحكومة السودانية في الدوحة ونجامينا، لكنها سرعان ما جمدت مشاركتها في تلك المفاوضات. وفي منتصف ايار (مايو) 2010، فقد إبراهيم الدعم الذي كان يوفره له نظام ديبي في تشاد بعد طرده من مطار نجامينا التي وصلها من الدوحة، فلجأ إلى ليبيا ليعيش في ضيافة العقيد معمر القذافي 16 شهراً. وخلال الثورة الشعبية التي شهدتها ليبيا، طالبت «العدل والمساواة» في آذار (مارس) الماضي المجتمع الدولي بإنقاذ زعيمها، ثم عاد إلى السودان في أيلول (سبتمبر) الماضي. وخليل المتزوج من ولاية الجزيرة وسط السودان لديه عدد من الأبناء والبنات يدرسون في المدارس والجامعات السودانية في الخرطوم، وتقيم أسرته في منطقة عد حسين في جنوب شرق الخرطوم.