أثارت حملة إعلانية أطلقتها الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين للترويج لأحد برامجها الهادفة إلى إقناع المدخنين بالإقلاع، احتجاجات كبيرة في الأوساط النسائية السعودية، وبين العاملات في مجال حقوق المرأة. مسبب الغضب والاحتجاج كان الإعلانات التي انتشرت عن برنامج لجمعية التدخين شعاره «عليك الإقلاع .. وعلينا الزواج»، لتشجيع الشباب على الإقلاع عن التدخين، وهو ما اعتبرته أكاديميات وناشطات في مجال حقوق المرأة إعلاناً يوحي بأن المرأة أصبحت بديلاً عن سيجارة المدخن ومكافأة له لإقلاعه عن شرب السجائر. من جهته، أوضح الأمين العام للجمعية الخيرية لمكافحة التدخين سليمان الصبي ل«لحياة» أنه يجب ألا يفهم البرنامج على أنه مجرد مكافأة المدخن بامرأة نظير إقلاعه عن التدخين، مؤكداً أن من شروط التقديم على البرنامج أن يكون المدخن عقد نكاحه مسبقاً. وقال: «مهمة الجمعية مساعدته على تكاليف الزواج، وليس توفير زوجة أو الخطبة له»، مشيراً إلى أن البرنامج يعد من باب المساهمة في تشجيع الرجال على الإقلاع عن طريق تنظيم مسابقة محددة لعشرين شخصاً فقط، ثم القدوم إلى عيادة التدخين والبدء بجلسات العلاج. وأضاف: «نتكفل بالمهر والتكاليف والجائزة جزء منها نقدي وجزء منها تأثيث لبيت الزوجية»، لافتاً إلى أن فكرة الإعلان فُهمت بشكل خاطئ. وأكد أنه منذ الإعلان عن البرنامج أصبح عدد مرتادي العيادة 15 شخصاً يومياً من الذكور، «أما النساء فلم ننظم لهن أي برنامج مشابه لكون الزواج يقع على عاتق الرجل». ورفض الصبي التفسير الذي ذهب إليه كثيرون من أن البرنامج يضع المرأة والسيجارة في ميزان واحد، وقال: «إننا ننهج نهج جمعية ابن باز الخيرية التي تعين على الزواج ويشرف عليه أمراء المناطق، لكن بصياغة أخرى، ولم نقل اقلع ونهديك امرأة». واعتبر أن اللَّبْس لدى الجمهور كان في صياغة وطريقة الإعلان، معتبراً أن البرنامج وسيلة للجمع بين الخيرين خير الزواج وترك العادة السيئة. وعن احتمال عودة المقلع إلى التدخين، وعدم ضمان إقلاعه، قال إن النكسة متوقعة في أي مجال، سواء كانت نكسة نفسية أم دينية، «وليس من الضروري أن تتابع الجمعية الرجل وتتلصص عليه لمدة عام أو عامين، فهي مسألة تحفيزية فقط، ومن المفترض أن تساعده زوجته بعد الزواج بالاستمرار في الإقلاع». ونوه إلى أن عدد المتقدمين للإقلاع عن التدخين زاد بنسبة 30 في المئة منذ إطلاق البرنامج الذي ينتهي في 25 شعبان المقبل. واستغرب الصبي الاحتجاجات على شعار الإعلان، مذكراً بأن الجمعية نفذت العام الماضي حملة بشعار: «عليك الإقلاع... وعلينا الحج»، تم خلالها تحجيج 200 شخص. وشدد على أنهم في الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين سيستمرون على النهج نفسه، وقال: «من ادعى مساومة وتشبيه المرأة بالسيجارة نقول له وهل نساوي شعيرة الحج العظيمة بالسيجارة؟!»، معتبراً أن الاعتراضات على البرنامج ليست سوى معارضة للعمل الخيري. من جهتها، قالت إحدى الناشطات الحقوقيات ل«الحياة»: «بإمكان الجمعية البحث عن بدائل أخرى غير الإعانة على الزواج، وهي البحث عن وظيفة للشاب المتقدم أو تسهيل إجراءاته الحكومية وتحسين وضعه المادي. وبحسب الصبي فإن الجمعية تتلقى اتصالات كثيرة جداً من الزوجات اللائي يشتكين من تدخين أزواجهن باعتبارهن أكثر من يعاني من أفراد الأسرة، وهذا دفعهم في الجمعية إلى التفكير بمساعدة المرأة عبر إقناع المقدم على الزواج بالإقلاع عن التدخين. وذكر أن الزوجات المتضررات وصلت بهن الحال إلى أن أزواجهن لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين نهائياً، وسجلت حالات طلاق بسببه إضافة إلى كثرة الخلافات بينهم، موضحاً أن الأزواج باتوا يفضلون قضاء غالبية الوقت خارج المنزل للتدخين أو تناول الشيشة. وأشار إلى أن المرأة السعودية لا تراجع بشكل مريح، وتخشى من الإحراج نتيجة الوضع الاجتماعي في مراجعة عيادة التدخين مقارنة بالذكور وقال خلال عام راجعنا 80 فتاة والذكور 16 ألف رجل. وأكد أن العدد فيه تفاوت كبير، منبهاً إلى ضرورة الالتفات إلى تسويق المرأة في كثير من الجوانب والقنوات.