لوح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بإعادة تشكيل حكومته على أساس الغالبية السياسية. وقال إن «مرحلة التوافقات انتهت»، فيما طالب زعيم ائتلاف «العراقية» اياد علاوي كتلة «التحالف الوطني» التي ينتمي إليها المالكي باستبداله بشخصية أخرى. ورفض الأكراد دعوة المالكي إلى إنهاء الشراكة الوطنية «في الوقت الراهن»، مؤكدين أن ذلك «لن يكون في مصلحة الجميع بمن فيهم رئيس الحكومة». وقال المالكي خلال مؤتمر صحافي أمس، بعد مرور سنة على تشكيل الحكومة إن «الدستور هو الوثيقة العليا في البلاد، وهو الذي تم إقراره بتصويت أبناء الشعب، ومن الآن فصاعداً سيكون الدستور هو الفيصل في حل الخلافات». وأضاف إن «مجلس الوزراء هو المسؤول الأول وهو المكلف رسم وتنفيذ السياسة العليا للبلد». وزاد إن «الدستور سيكون المرجعية العليا لإدارة شؤون البلاد ومعالجة الخلافات مستقبلاً، لا التوافقات والمبادرات (...) في السابق كنا نحتاج إلى توافقات أما اليوم فلا حاجه إليها، والتحديات التي تواجه البلاد اليوم لا تحتاج إلى توافقات». وعن مذكرة القبض على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قال المالكي: «لا يمكن أن يحاكم الهاشمي في إقليم كردستان ولا يمكن أن تحل القضية بالتسوية أو الوساطة السياسية، ولا بد أن يمثل أمام القضاء ... لا يمكن القبول بأي شيء آخر (سوى) ترك الأمر فقط للقضاء». وتابع أن «اعترافات عناصر أفراد حماية الهاشمي مصدقة من القضاء وهو من طلب مني تنفيذ أوامر اعتقاله وحمايته، فلا يحاول أحد خلط الأوراق وتسييس القضية»، وأشار إلى أنه تقدم «قبل ثلاث سنوات بملفات إلى رئيس التحالف الوطني آنذاك المرحوم عبد العزيز الحكيم ورئيس الجمهورية جلال طالباني، عن تورط الهاشمي في أعمال عنف وقتل ولكنهما طلبا مني التريث، حفاظاً على الوحدة الوطنية وبسبب الظروف الصعبة التي كانت تمر بها البلاد». وطالب المالكي إقليم كردستان بتسليم الهاشمي إلى القضاء وقال: «إذا لم يتم تسليمه إلى القضاء فسيعتبر ذلك جناية، وإذا تم تهريبه فستكون هذه جناية كبرى. ونحن هنا لا نتهم أي طرف أو جهة، لكن نوضح كل الاحتمالات». ونفى إصداره أمراً بتفتيش منزل طارق الهاشمي وإنه هو منع ذلك «بعد تقديم طلب لقضاء بمنع التفتيش». وعن الأنباء حول عزمه على تقديم استقالته إذا لم يستطيع سحب الثقة من نائبه صالح المطلك قال المالكي: «لا صحة لهذا الأمر، وأدعو الوزراء المتغيبين عن جلسات مجلس الوزراء إلى الحضور واستئناف عملهم وإذا لم يحضر الوزير سيعتبر مستقيلاً فلا يوجد شيء اسمه تعليق عضوية الوزير في مجلس الوزراء (...) وفي حال عدم حضور الوزراء الجلسة المقبلة سنستبدلهم». ولدى سؤاله عن دعوة «العراقية» كتلة «التحالف الوطني» إلى سحب الثقة منه واستبداله بشخصية أخرى، قال: «سمعنا هذا الكلام منذ ست سنوات وسنسمعه خلال السنوات الست المقبلة ولن يتحقق». وكان علاوي دعا «التحالف» إلى استبدال المالكي بشخصية أخرى، واتهم رئيس الوزراء بأنه «يتصرف مثل صدام حسين في إسكات المعارضة ويغامر بإثارة معركة جديدة ضد الدكتاتورية». وأضاف في تصريحات صحافية أمس إن «الاعترافات التلفزيونية التي استخدمها المالكي للمطالبة باعتقال النائب السني لرئيس البلاد مختلقة (...) والإتيان باعترافات مختلقة أمر مفزع. هذا يذكرني شخصياً بما كان يفعله صدام حسين حين كان يتهم المعارضين السياسيين بأنهم إرهابيون ومتآمرون». الى ذلك، أعلن المالكي عزمه على دعوة الكتل السياسية إلى الاجتماع خلال أيام وقال: «سندعو كل الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات، وغير الفائزة، بالإضافة إلى الرئاسات الثلاث وقادة الكتل إلى اجتماع بدلاً لما يطرح اليوم من مبادرات. وهذه مبادرة تجمع كل الشركاء وستبنى على أساس الدستور. ونقولها بصراحة، إذا اتفقنا كان بها، وإذا لم ينفع الأمر سنتوجه نحو حكومة غالبية فليس من حق أحد أن يشكك في الدستور على رغم اعترافنا بوجود نواقص فيه. لكن علينا أن نقبل بما هو موجود فيه ومن يرفض الدستور عليه أن يكون خارج الحكومة». وعن الانسحاب الأميركي أكد رئيس الوزراء أن «كل القوات الأميركية انسحبت من الأراضي العراقية (هناك) فقط مدربون لا يتجاوز عددهم ال700، وهناك مفاوضات لتقليص عددهم. وسيكون وجودهم فقط داخل معسكرات التدريب العراقية وليس خارجها». وأضاف إن «الحديث عن وجود آلاف الموظفين في السفارة الأميركية في بغداد غير صحيح هناك ثلاثة آلاف، أقل أو أكثر، وهم موجودون برغبة العراق لأن اتفاق التعاون الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن ليس مقتصراً على الجانب الأمني، وإنما (يتناول) مختلف المجالات كالتعليم والصحة والاستثمار والزراعة والصناعة وغيرها وهذه المجالات يحتاج إليها العراق». رفض كردي إلى ذلك، رفض الناطق باسم كتلة «التحالف الكردستاني» فرهاد الاتروشي تلويح المالكي بتشكيل حكومة غالبية سياسية، وقال في اتصال مع «الحياة» أمس إن «تشكيل حكومة غالبية سياسية ليس في مصلحة الجميع بمن فيهم المالكي نفسه»، ودعا إلى «ضبط النفس». وقال إن «موقف إقليم كردستان من أزمة الهاشمي واستضافته ليس الغرض منها الوقوف إلى جانب هذا دون الآخر، لن نكون طرفاً في نزاع، بقدر كوننا طرفاً يسعى إلى حل الأزمة. ونعتقد بأن تسليم الهاشمي واعتقاله في بغداد لن يحلها بل يحيلها إلى تعقيدات جديدة». وكان وفد من كتلة «الأحرار» التابعة لتيار الصدر التقى الهاشمي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وكان الجهة السياسية الشيعية الوحيدة التي التقته بعد مذكرة القبض عليه. وأفادت مصادر سياسية أن «وفد التيار الذي ضم الناطق باسمه صلاح العبيدي والأمين العام لكتلة الأحرار ضياء الأسدي بحث مع كل من بارزاني والهاشمي في مبادرة الميثاق الوطني التي طرحها الصدر وتم شرح مضامينها بهدف الوصول إلى صيغة لميثاق شرف وطني». من جهة أخرى، أعلن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك (العراقية) الذي أقاله المالكي أنه سيبقى في العراق، سواء سحبت منه الثقة أم لم تسحب. وقال في بيان أمس: «لقد قدمت استقالتي قبل أن يتم الحديث عن هذا الموضوع ، وأنا غير مكترث بهذا المنصب»، وأضاف: «إننا نريد تصحيح مسار العملية السياسية الذي يجر البلد إلى التهلكة. نحن لا نرضى بهذا الأمر لأننا جزء من العملية السياسية».